نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ضغوط ترامب ودور مصر وفشل الاحتلال.. لماذا وافق نتنياهو على «وقف الحرب» في غزة؟ - اخبارك الان, اليوم الاثنين 20 يناير 2025 03:18 مساءً
توقّف أخيرا ضجيج المعارك في قطاع غزة، وهدأت أصوات المدافع وهدير الدبابات والطائرات، وبغض النظر عن الخسائر الفادحة لدى كلا الجانبين وبالأخص غزة إلا أن مستقبل «إسرائيل» لن يكون بأي حال من الأحوال كماضيها، بعد أن اضظر نتنياهو أن يتنازل أخيرا ويزعن لاتفاق الهدنة الذى أجهد فيه دول الوساطة والحل، والتي رفضها جيش الاحتلال مراراً وتكرارا، بل وأعلن طوال الأشهر الماضية أن إسرائيل لن تقبل بها، وأن الحرب الغاشمة ضد غزة ستستمر إلى ما لا نهاية، وأن الشرط الوحيد لإنهائها هو تحقيق كل الأهداف المُعلنة التي تم رفعها في بداية العدوان مساء السابع من أكتوبر من العام 2023.
وقدّمت الفصائل الفلسطينية رؤيتها للحل الذي يؤدي إلى وقف إطلاق النار في غزة، وأبدت مرونة كبيرة؛ نظراً للظروف التي يمر بها الشعب الفلسطيني داخل القطاع الصغير والمحاصر في ظل العدوان الواسع والهمجي، والذي أدّى إلى سقوط ما يزيد على خمسين ألف شهيد معظمهم من النساء والأطفال، إلى جانب عشرات الآلاف من المصابين، ودمار هائل وغير مسبوق في البنى التحتية على اختلاف أنواعها لكن نتنياهو كان يصر على الرفض والغرور.
ولاقت رؤية الفصائل الفسلطينية استحساناً وقبولاً وأيدتها الورقة المصرية ووافقت عليها قطر بل وأمريكا نفسها ووجدو فيها مخرجاً للعديد من الأزمات التي تمر بها المنطقة والعالم، إلى جانب عدم رغبة الولايات المتحدة في توسّع الصراع بما يشكّل خطراً على وجود قواته في المنطقة.
في الأسابيع الثلاثة الأخيرة، حدث تغيّر لافت في الموقف الإسرائيلي، وتحديداً في موقف رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، وهو الذي كان يُفشل في كل مرة التوصل إلى اتفاقات في مراحلها الأخيرة، وكان يُصر على وضع العراقيل في طريق عجلتها، التي قاربت في عديد المرات من الوصول إلى خواتيمها السعيدة، ومن إنجاز اتفاق، وإن بشكل جزئي ومرحلي ولعل ثمة أهداف دفعت نتنياهو لقبول الهدنة.
ثمة أربعة أسباب رئيسية دفعت نتنياهو إلى قبول وقف إطلاق النار، بينها ضغط الوسطاء وعلى وجه الخصوص مصر التي كانت تصر على رفض مخطط التهجير وإيقاف الحرب، ما دفعه للقبول بصفقة تحمل مواصفات الصفقات السابقة نفسها تقريبا، مع استمراره في المكابرة من خلال الادّعاء بأنها صفقة مؤقتة فقط، وأن بإمكان «جيشه» المنهك أن يعود إلى القتال مرة أخرى.
ومنذ انتخاب الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب، وعلى الرغم من تأييده المعلن لـ «إسرائيل»، وإعلانه المتكرر بأنه أفضل صديق لها، إلا أن لديه موقفاً مختلفاً عن جو بايدن، والذي كان يعجز عن فرض رؤيته على الإسرائيليين بسبب قرب انتهاء فترة ولايته، وبعد وصول ترامب إلى سدّة الحكم في البيت الأبيض، والذي يسعى بدوره للتفرّغ لملفات أخرى حول العالم يرى أنها أكثر أهمية من الصراع في الشرق الأوسط، وعلى رأسها الصراع على اقتصاد العالم مع الصين، بالإضافة إلى رغبته في حسم الحرب الروسية- الأوكرانية، وملفات أخرى داخلية وخارجية شائكة ومعقّدة، ووجد نتنياهو أن مواصلة حربه على غزة قد يخلق أزمات مع الرئيس الأميركي الجديد.
وعلى الرغم من أن المؤسسة العسكرية في إسرائيل، هي مؤسسة تنفيذية إلا أنها تستحوذ على معظم ميزانية إسرائيل، فجاءت رغبة المؤسسة العسكرية وفي المقدّمة منها وزير الحرب السابق يؤاف غالانت، ووزير الأركان هرتسي هاليفي في التهرّب من المسؤولية عن إخفاق السابع من أكتوبر، والرغبة في التوصل إلى وقف إطلاق نار قد ينقذ ما يمكن إنقاذه من هيبة وقدرة هذه المؤسسة، والتي لم تعهد خلال السنوات الماضية إخفاقاً وفشلاً يماثل ما حدث خلال الفترة الماضية.
ولم يحقق الجيش بعد مرور شهرين على بدء الهجوم البري على مدينة رفح، والتي وصفها العدو حينذاك بـ «أم المعارك» أي إنجاز يذكر، ولم تكتب شهادة وفاة فصائل المقاومة في كل أرجاء القطاع، ولكنها نجحت فقط فى تدمير مزيد من المنازل والمنشآت الفلسطينية فقط، بعيداً عن الأهداف العمليّاتية للحرب، والتي كانت تتركّز حول تدمير قدرات المقاومة بشكل كامل، وسحق كتائبها العاملة في محافظات القطاع المختلفة ولم تتوصل لأسير واحد من أسراها.
ويأتى على رأس ذلك كله ما تكبّدته «الدولة» العبرية من خسائر في السنة الأولى من عدوانها على قطاع غزة إذ يُعدّ الأعلى في تاريخها، وعلى الرغم من أن تلك الخسائر شكّلت عاملاً ضاغطاً على المستويين الرسمي والشعبي خلال الفترة نفسها، فإن ما جرى خلال الشهور الثلاثة الأخيرة وتحديداً في شمال القطاع قد شكّل انتكاسة كبيرة لـ «جيش الاحتلال»، ولفرقه النخبوية والخاصة، إذ إن الارتفاع «الجنوني» حسب بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية في عداد القتلى والمصابين في قطاع غزة، وخصوصاً في المعارك الدائرة في شماله المدمّر والمحاصر، قد شكّل ضغطاً هائلاً على المستوى السياسي في «إسرائيل».
وعلى الرغم مما تعرّضت له من قصف جوي هائل، ومن تدمير غير مسبوق بواسطة الروبوتات المفخخة، والبراميل المتفجرة، أدّت إلى ما يشبه الانتفاضة في وجه متّخذي القرار، سواء كانوا من المستوى العسكري أو السياسي، وهو ما أدى إلى سحب العديد من الألوية المقاتلة واستبدالها بأخرى، في محاولة لتخفيف الضغط الناتج عن الخسائر البشرية والمادية، وما يمكن أن يشكّله من ضغط إضافي يُلقي مزيداً من الشك حول مجمل الأوضاع في «الدولة» العبرية، التي تعاني
في الأساس أزمات ومصاعب كبيرة ومتعددة.
وبعد أن توقّف ضجيج المعارك في مدن ومخيمات القطاع وإن كان بشكل مؤقت، وبعد أن هدأت أصوات المدافع وهدير الدبابات والطائرات، وبعيدا عن إطلاق الأحكام المسبقة في ما يخص النتائج الاستراتيجية وطويلة المدى لهذه الحرب القاسية والصعبة، فإن مستقبل دولة الاحتلال ربما يتحوّل مع مضي الأيام إلى نكبات ونكسات قد لا يُصلحها الدعم الأميركي، ولا التواطؤ الإقليمي.
0 تعليق