نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
أُدبَاءٌ ومُثقفونَ: القشعمي نَسيج وحده ومؤلفات مراجع موثوقة - اخبارك الان, اليوم الأربعاء 22 يناير 2025 02:19 مساءً
جدة-
أثني عددٌ من الأدباء والمثقفين على اختيارِ “مُلتقى قراءةِ النصِ في دورته الـ 21 بالنادي الأدبي الثقافي بجدة، الأديب محمد عبدالرزاق القشعمي، ليغدو الشخصية المكرّمة لهذا العام، مُتبارين في تعديدِ مزاياه الأدبية والفكرية، وجهوده الفريدة في تتبع التوثيق الشفهي، مقرّظين جهده في التوثيقِ للأدباء بأصواتهم وصورهم، وصبره على التأليفِ بعد مكث وروية في الاطلاعِ والقراءةِ الباصرةِ.. جملة هذه الآراء في سياق هذا الاستطلاع حول الأستاذ القشعمي، الشخصية المكرّمة في “مُلتقى قراءة النص 21”..
في المستهلِ يَقولُ القاصُ محمد علي قدس: الأستاذ محمد عبدالرزاق القشعمي، موسوعة الأدباء موثق بداياتهم وكاتب سيرهم، من ذا الذي يَستطيعُ وفاءَ هذا الكاتب الرائد ويكتبُ سيرتَه بشغفٍ وحماسٍ كما كتبها لأدبائِنا، وقد حفظَ تاريخَهم، ووثّق مُؤلفاتهم، وحقّق في تاريخ بداياتهم وتحولاتهم.
ويتابعُ قدس مُستعرضًا إنجازات القشعمي بقولِه: والقشعمي صاحبُ الإصدارات والمؤلفات التاريخية والوثائقية التي تحفظُ مسيرة أدبنا وسِير تاريخ أدباءنا، كان له الفضلُ- بعد الله- في توثيقِ تاريخ الأدباء من خلال تسجيل مرئي يحفظُ هذا المشروع، الذي يُوثق سِير الأدباءِ بأصواتِهم وصورهِم، وهو مشروعٌ أدركَ به من روادنا بتوثيقِ سِيرة حياتهم القلة وأدركَ الجيلُ الذي تلا جيلَ الروادِ وقد كانتْ له جُهوده الحثيثة في تسجيلِ الكثير من اللقاءات مع الأدباء الرواد إضافة إلى أدباء ما بعد الرواد ونجحَ في تسجيلِ سِير العديدِ منهم ورصد مسيرتهم الأدبية وتاريخ حياتهم بأصواتهم. لمستُ ذلك وشهدته من خلالِ تواصله معي والتنسيق مع النادي الأدبي لإنجاح مهمته، وعَرفتُ حرصه ومتابعته لكل أديبٍ والسفر إليهم في مكةَ وجدة، إضافةً إلى حرصه على لقاء الأدباء في المناسبات التي يُشاركون فيها وأهمها مهرجان الجنادرية، فيغتنمُ فرصةَ تواجدهم في الرياض؛ ليثرى مكتبة الملك فهد الوطنية بتسجيلاتٍ حيةٍ ترصدُ مسيرةَ وسِير حياتهم الأدبية.
واختتمَ قدس سياحة في عوالم القشعمي قائلًا: لقد اهتمَ بتوثيقِ البدايات في الأدبِ السعودي والأدباء السعوديين، ورصده لكل تحولات المشهد الثقافي في مراحله المختلفة، وهو أحدُ الشهودِ البارزين فيها.
أما علاقة القشعمي بالمثقفين من بلده ومن البلدان العربية فيرسمُ ملامَحها العامة الأستاذ إبراهيم بن عبدالرحمن التركي، في سياقِ قوله: علاقة الأستاذ محمد القشعمي بالمثقفينَ السعوديين والعرب ممتدةٌ لا يميزُ فيها مذهبٌ عن مذهبٍ، ولا أدلجةٌ عن برمجة، ولا منطقة عن منطقة، وإذ أحبَّ الجميعَ أحبوه، وإذا بحثَ عنهم قدَّروه، وهذه ميزةُ شخصيته الشمولية التي تعي تحركاتها كما لا يستطيعُ أكثرُنا فعله، وفي اللحظةِ التي نبحثُ فيها عنه نجده أمامَنا بنفسهِ ونفائسهِ.
ويضيفُ التركي: أبو يعرب لا يعنيه التحليل والتعليل وإن اهتمًّ بالتدليل؛ فمؤلفاته مكثفةٌ بالمعلوماتِ، وهي المادةُ المرجعيةُ الأساسُ لمنْ شاءَ أنْ يُقدّمَ بحثًا علميًا منهجيًا عن أي موضوعٍ كُتِبَ عنه، وللقشعمي حضورٌ مُتفردٌ؛ فهو مُتعددٌ ومُتجددٌ؛ يغشى المنتديات والمجالس واللقاءات، ويضيفُ في كل مكانٍ يرتاده حضورًا مُضيئًا مُضيفًا؛ فيكفي أن يُعرض اسمٌ أو وسمٌ ليتجلى أبو يعرب فيسرد علاقته بهما شخوصًا ونصوصًا، ولا يفترقُ هنا شاعرٌ عن ناثرٍ، وأديب عن إداري، ومعاصر عن راحل، وسعودي عن عربي، كما يمتازُ بصراحته عند الكتابةِ إذ لا يبخلُ بما قرأه أو رآه أو سمعه وتأكد منه، وعَبْرَ زوايا ذاكرته نستشفُ ما وراء سُطورِه التي قد لا يصرح بها، ويظلُ مشروعه في تدوين تأريخنا الاجتماعي والثقافي جبارًا وقت عمله في مكتبة الملك فهد الوطنية، ونأملُ أن يجدَ مَنْ ينشرُه فلا يبقى حبيس الأشرطة والأجهزة والمحفوظات.
وعلى ذات المنوال المقرّظ والمشيد بجهود القشعمي، يقول الدكتور أحمد التيهاني: يَصعبُ تصنيف محمد بن عبدالرزاق القشعمي؛ لأنه جَمَعَ على صيغة المفرد، أو مفرد على صيغة الجمع، فهو ببلوجرافي، ومؤرخٌ، وباحثٌ، وراصدٌ، ومؤرخٌ، وهو في هذه المجالاتِ كلها “مبدعٌ”، وجادٌ، ومجتهدٌ، ودؤوبٌ ومثابرٌ، وجلدٌ، وقادرٌ.
ويتابعُ التيهاني: أمام ما يزيد على ثلاثين مُؤلفًا، لا يمكن لعارف بالقشعمي أنْ يتخيله إلا بين أرففِ الكتبِ، أو محاطًا بمئات الصحفِ والمجلاتِ القديمة؛ لأنه “راصدٌ” موثِّق؛ ولأنه مَنْ كتبَ بالوثائقِ سيرة ثقافة ثرية لم يكن أحدٌ من المحيطين ببلادِنا يتوقعُ وجودها في بلادِ الرمالِ والنفطِ، ليقول للعالم العربي الذي يُنكرنا: نحنُ هنا، حيثُ لا تتوقعون أنَّ لنا وجودًا معرفيًا أو ثقافيًا أو إبداعيًا.
ويخلصُ التيهاني إلى القول: لم يذهبْ إلى شارع التأليف الخطر، إلا بعد أنْ أمضى سنوات طويلة يتجولُ في شارع القراءة الهادئ، حتى أدركَ أنه قادرٌ على الذهابِ إلى الشارعِ الأكثر خطورة وصخبًا، فسار إليه “واثقَ القلمِ يمشي موثِّقًا”، وهذا الجزءُ من سِيرته درسٌ مهمٌ للمخاطرين بالخروجِ مُسرعين من أزقةِ القراءةِ، إلى طرقِ التأليفِ السريعة، حيثُ النقد، والتلقّي، مما قد يحرقُ المتعجلين، ويُنهي طموحاتهم، ويُحيلُ نتاجَهم إلى هباءٍ منبثٍ، لا يضيفُ إلى الثقافة، ولا يُثري المعرفةَ، و”لا يُسمنُ ولا يُغني من جهلٍ”.
0 تعليق