بين «الجوادي» و«الحاتمي».. أحلامُ خيطٍ رفيع - اخبارك الان

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
بين «الجوادي» و«الحاتمي».. أحلامُ خيطٍ رفيع - اخبارك الان, اليوم الخميس 23 يناير 2025 02:55 صباحاً

لطالما كانت الذكريات محطةً تنبضُ بروح الحنين، تأخذنا إلى أيامٍ مضت، لكنها لا تفقد بريقها أو أثرها في قلوبنا.

جميعنا في يوم ولادة أبنائنا؛ بزوغهم ثم إشراقهم، عموم نورهم، تماهت الفرحة مع الدهشة، بتجلّي نعمة الله في أبهى صورها، ثم تراءت لنا ملامح حياتهم القادمة، وكأنها قصة يتشابك فيها الأمل بالمسؤولية.

مع أول صرخة لأبنائي، بدأ عهد جديد من حياتي؛ طفولتهم كانت رحلةً مليئةً بالبراءة والبهجة، ضحكاتهم نغمٌ ينير أوقاتنا ويبزُّ سعادتنا. لم أنسَ للحظات كيف وقفت أمامهم وهم يحاولون بخجل وكثيرِ مثابرةٍ ليخطوا خطواتهم الأولى؛ خطواتٌ صغيرة لكنها بوادر لمسيرة تصنع مستقبلهم وتحقق آمالهم وأمانيهم. في كل لحظة من تلك الأعوام، كنت ووالدتهم العين الساهرة، نملأ قلبينا بمحبتهم، وندعو الله لهم بالخير كله.

مضت الأيام سريعاً، وكأنها أوراق خريف تتساقط بلا استئذان. بدأت رحلتهم التعليمية؛ كنت أراقب بإصرار وتفانٍ كل خطوة يخطونها. شعرت بمسؤولية مزدوجة؛ تقديم الدعم الكامل لهم ومتابعتهم دراسيًا، جنبًا إلى جنب مع الاحتفاظ بالقلق الدائم على مستقبلهم. كان الخوف عليهم لازمة أبويّة ترافقني؛ يشحذ هممي للوقوف إلى جانبهم في كل معركة يخوضونها.. إلى أن بدأت مرحلة اختيار التخصص؛ مرحلة أشبه برؤية بذرة صغيرة تكبر أمام عيني لتصبح شجرة مثمرة. تجسَّدت تلك اللحظة باليوم المشهود، يوم تخرّجهم من تلك المرحلة المهمة العالية، فشعرت وكأن الكون بأسره تبادل معي الفرح والاعتزاز؛ تلك فرحة أشبه بنهاية مشوار شاق تخلّلته محطات من الإرهاق.

لكنها أيضًا كانت إعلانًا عن بداية فصل جديد كما جسدوها، أشعروني أن ما تحمّلته من عناء على مدار السنوات، قد زُيّن بنجاحهم وتحقيق حلمهم، همسوا لي بأن الفرحة ستكتمل بأثرٍ أعظم «حين يتذكر الأبناء معروف والديهم».

كان أملي ولا يزال أن يترسّخ في قلوبهم مفهوم العطاء، بحيث يصبح الكرم سجيةً أصيلةً في نفوسهم؛ ويرثوا الأخلاق (الجوادية) ليكونوا مضرب المثل في تقديم الخير، ويتمثّلوا بصفات الكرم (الحاتمي) التي تجعل منهم رمزًا للعطاء بلا مقابل.. أن يتحلوا بتلك الصفات، لمَا لها من فضائل وتأثير عميق في تعزيز الأخلاق النبيلة وروح التآخي والتكافل في المجتمع، فسلامة القلب، وطيب السلوك يُنشئان مجتمعًا صحيًّا، يسعى لإسعاد الآخرين وتلبية احتياجاتهم؛ نظرًا لما يتسم به من صفات التسامح والعطاء والتعاطف مع الآخرين.

أخيراً:

هذه المراحل وما حملته من مشاعر جياشة، حكاية عمر تبعثرت دقائقها بين العمل والمسؤوليات، نسجت لوحةً مشرقةً من الحب والحلم ببناء مستقبل مشرق. فمَنْ يُمكنه أن ينسى ذلك الخيط الرفيع الذي ربط أحلام الوالدين بسعي الأبناء؟ هي مشاعر ستبقى محفورةً في روح الزمن، تعكس العلاقة الأبدية بين الحب الأبوي وتضحياته وبين البرّ الذي يعدّ ثمرة هذا الحب الطاهر.


إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق