النرويج واستخدام السيارات الكهربائية - اخبارك الان

0 تعليق ارسل طباعة

د. رامي كمال النسور*

أصبحت السيارات الكهربائية التي تسير في طرق النرويج الآن أكثر من نظيرتها التي تعمل بالوقود.
وحسب مجلس معلومات الطرق النرويجي فإنه توجد سيارات كهربائية مسجلة أكثر من السيارات التي تعمل بالوقود في البلاد للمرة الأولى في تاريخ السيارات النرويجية. وقد أظهرت إحصاءات صدرت حديثاً، أن مبيعات السيارات الكهربائية في النرويج استحوذت على نسبة 94 في المئة من السوق في 2024، وهو رقم قياسي عالمي جديد، بينما تباطأت المبيعات في بقية أوروبا. وكانت الدولة الاسكندنافية، وهي منتج رئيسي للنفط والغاز، قد وضعت هدفاً لبيع السيارات الخالية من الانبعاثات بحلول عام 2025، أي قبل 10 سنوات من هدف الاتحاد الأوروبي.
لقد وضعت النرويج معياراً عالمياً لتبني المركبات الكهربائية، حيث احتلت المرتبة الأولى باستمرار، باعتبارها الدولة الرائدة في العالم في ملكية وعدد المركبات الكهربائية. في عام 2023، كانت ما تقرب من 80% من جميع السيارات الجديدة المبيعة في النرويج كهربائية، متجاوزة بذلك الدول الأخرى بكثير وفي أماكن أخرى من أوروبا، أعاقت الأسعار المرتفعة والبنية التحتية غير الكافية مبيعات السيارات الكهربائية، بينما زادت مبيعات السيارات الهجينة التي تجمع بين محركات الوقود الأحفوري والبطاريات الكهربائية.
وينبع هذا الإنجاز من مزيج من السياسات الاستشرافية والبنية التحتية القوية والالتزام المجتمعي القوي بالاستدامة. ولكن كيف تمكنت النرويج من أن تصبح الرائدة عالمياً في مجال الاعتماد شبه الكلي على السيارات الكهربائية؟
بدأت رحلة النرويج نحو هيمنة المركبات الكهربائية بالنهج الاستباقي للحكومة في تعزيز الطاقة النظيفة. منذ تسعينيات القرن العشرين، حيث نفذت الحكومة النرويجية مجموعة من الحوافز المالية والعملية لجعل ملكية المركبات الكهربائية أكثر جاذبية. وتشمل هذه الإعفاءات من الضرائب والرسوم، فأصحاب السيارات الكهربائية معفَون من ضريبة القيمة المضافة الباهظة بنسبة 25% على مشتريات السيارات ورسوم التسجيل ورسوم الطرق. كما تتمتع السيارات الكهربائية بمواقف السيارات والشحن مجاناً أو بخصم في العديد من المدن، وكذلك يُسمح للسيارات الكهربائية باستخدام ممرات الحافلات، مما يقلل من أوقات السفر والازدحام. آخر هذه الحوافز توفير محطات الشحن المدعومة من قبل الحكومة والاستثمار بكثافة في بناء شبكة واسعة من محطات الشحن السريع على مستوى البلاد.
لا شك أن هذه الحوافز خلقت ميزة مالية وعملية لامتلاك سيارة كهربائية على سيارات محرك الاحتراق التقليدية، مما يجعل السيارات الكهربائية الخيار الواضح للسائقين النرويجيين.
بعد حزمة الحوافز يأتي الحديث عن توفير البنية التحتية اللازمة لتحقيق مثل هذا الهدف، فمن جهة تعتمد شبكة الكهرباء في النرويج بشكل أساسي على الطاقة المتجددة، وخاصة الطاقة الكهرومائية، والتي تمثل أكثر من 90% من إنتاجها من الكهرباء. وهذا يضمن أن السيارات الكهربائية في النرويج نظيفة حقاً، حيث لا يرتبط تشغيلها بتوليد الطاقة القائمة على الوقود الأحفوري. لقد جعل هذا التآزر بين الطاقة المتجددة والتنقل الكهربائي التحول إلى المركبات الكهربائية أكثر تأثيراً في الحد من الانبعاثات.
كما كانت النرويج من أوائل الدول التي تبنّت تكنولوجيا المركبات الكهربائية، حيث دخلت الحكومة في شراكة مع الشركات المصنعة لتقديم المركبات الكهربائية إلى السوق. واستفادت «تيسلا» و«نيسان» وشركات صناعة السيارات الأخرى من سياسات النرويج الترحيبية، والتي خلقت أرضاً خصبة لاختبار السيارات الكهربائية. من خلال تقديم مجموعة واسعة من النماذج للمستهلكين بأسعار تنافسية، شجعت النرويج على التبني بشكل أسرع.
إن أحد التحديات الرئيسية التي تواجه تبني المركبات الكهربائية في جميع أنحاء العالم هو الافتقار إلى البنية التحتية الكافية للشحن. وقد عالجت النرويج هذه المشكلة بشكل مباشر من خلال تطوير واحدة من أكثر شبكات محطات الشحن شمولاً وسهولة في الوصول إليها. وتتوفر الشواحن السريعة في المناطق الحضرية والمناطق الريفية وحتى المواقع النائية، مما يضمن للسائقين القدرة على السفر لمسافات طويلة من دون قلق بشأن المسافة المقطوعة.
وهنا أيضاً أود الإشارة إلى أن مستوى المعيشة المرتفع والثروة النسبية التي تملكها النرويج أيضاً لعبا دوراً في التحول إلى المركبات الكهربائية. ومع جعل إعانات الحكومة المركبات الكهربائية أكثر بأسعار معقولة، أصبحت حتى التكاليف الأولية الأعلى المرتبطة بالسيارات الكهربائية قابلة للإدارة بالنسبة للعديد من الأسر النرويجية.
وأخيراً، إن التزام النرويج بالاستدامة متأصل بعمق في ثقافتها وسياساتها العامة، حيث تهدف البلاد إلى أن تصبح خالية من الكربون بحلول عام 2030 وقد حددت هدفاً جريئاً للتخلص التدريجي من مبيعات السيارات التي تعمل بالوقود الأحفوري بحلول عام 2025. شجع هذا الشعور الجماعي بالمسؤولية تجاه البيئة النرويجيين على تبني المركبات الكهربائية كجزء من جهد أوسع لمكافحة تغير المناخ.
*مستشار الأسواق المالية والاستدامة

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق