الأجيال الصاعدة والتقنية .. هل سوق الأسهم مهدد بمستقبل غير مستقر؟ - اخبارك الان

0 تعليق ارسل طباعة

دائمًا ما تشهد أسواق الأسهم تطورًا مستمرًا من أول استخدام أوامر شراء كتابية للتداول، وانتقال السهم بما يشبه "الصك" بين مالك وآخر، مرورًا بأوامر الشراء بالفاكس والهاتف الأرضي، انتهاء بأوامر الشراء الإلكترونية وامتلاك الأسهم بشكل "افتراضي" وليس في صيغة صكوك ملموسة والتداول الآني للأسهم وغير ذلك من التطورات التي أصبحت تميز السوق في يومنا الحالي.

 

هذا عن التطور من الماضي حتى يومنا الحالي، فما أبرز الظواهر المنتظرة في سوق الأسهم خلال السنوات القليلة المقبلة، والتي من شأنها إعادة تشكيله بصورة كبيرة.

 

 

نمو أسواق "الجنوب"

 

عند الحديث عن مستقبل سوق الأسهم يجب الإشارة إلى أن ما يعرف بـ"النمو الطبيعي" للاقتصاد والأسواق بسبب زيادة عدد سكان العالم من شأنه أن يؤدي لزيادة أسعار الأسهم، فمنذ عام 1960 يشهد العالم نمواً مطَّرداً في عدد السكان من 3 مليارات نسمة حينها إلى أكثر من 8.2 مليار نسمة بنهاية 2024 ومن المتوقع أن يصل هذا الرقم إلى 9.8 مليار شخص في عام 2050 وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة.

 

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

 

ويترافق هذا مع نمو واضح للقوة الشرائية في مختلف دول العالم بشكل مستمر أيضًا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، والشاهد أن نسبة الزيادة في القوة الشرائية وفي عدد السكان أعلى منها في دول الجنوب من دول أوروبا وأمريكا أي دول شمال الكرة الأرضية، حيث كشفت دراسة للمنتدى الاقتصادي العالمي في عام 2019 أن هذا التوجه بدأ مع انتعاش اقتصاديات العديد من الدول النامية والصاعدة النسبي والمستمر.

 

ومع استمرار هذه الصورة من المتوقع مثلًا أن تتمتع دولة مثل الصين بقوة شرائية تصل إلى 64 تريليون دولار في عام 2030 بينما ستصل الهند إلى 46 تريليون دولار، بما يعكس الحاجة للمزيد من الخدمات والصناعات في هذه الدول ويؤشر لاحتمال نمو أسواقها للأسهم بنسب تفوق الأسواق الغربية (لعل هذا الأمر هو ما يدفع الصين لمحاولة دفع النساء للإنجاب بعد عقود من تطبيق سياسة الطفل الواحد التي حدت من النمو السكاني الصيني).

 

هذا الأمر قد يتعزز بصورة أكبر إذا تمكنت بعض الدول مثل الصين والهند ودول الشرق الأوسط وشرق أوروبا من تفعيل مبادراتهم للذكاء الاصطناعي والاستفادة من الطفرة التي تشبه إلى حد بعيد طفرة صعود الخدمات في بداية تسعينيات القرن الماضي أو وفورات الإنترنت في الفترة نفسها.

 

قد يوفر ذلك مساحة واسعة لنمو أسواق الأسهم في تلك الدول، في ظل أن سوق أسهم الذكاء الاصطناعي يعتبر حكرًا على الولايات المتحدة وبعض شركات متفرقة غالبيتها في شرق آسيا إلى حد كبير.

 

الشباب وتأثيره

 

هناك أيضا تأثير التغييرات الديمغرافية حيث من المتوقع أن يصل إجمالي الثروة التي يمتلكها الأفراد الذين تقل أعمارهم عن 30 عامًا حول العالم إلى 33 تريليون دولار في عام 2030، هذا يعني زيادة كبيرة في عدد المستثمرين الشباب في سوق الأسهم، وبدأت تظهر بعض مقدمات هذا الأمر من أن ما نسبته 80% من الشباب تحت 30 سنة في السوق الأمريكي يمتلكون عملات مشفرة وأسهمًا في الوقت نفسه.

 

 

نسبة كبيرة من هؤلاء الشباب لا تستخدم دروس سوق الأسهم في سوق العملات الرقمية، ولكنها تقوم بالعكس بتفعيل منطق المضاربة في تعاملاتهم في سوق الأسهم بشراء وبيع سريعين للأسهم دون دراسة لأسس شركاتها والقطاعات التي تنشط بها قدر الاعتماد على التقلبات ودراسة السوابق التاريخية للسهم والقطاع لمحاولة تحقيق أرباح كبيرة في وقت قصير.

 

ومع النمو اللافت المنتظر لثروات الشباب في المستقبل، ونمو ثروات بعض شباب المستثمرين في الوقت الحالي فإن هذا الأمر من شأنه أن يؤثر سلبيًا على حالة الاستقرار في أسواق الأسهم ويزيد من تقلباتها في ظل نمو عمليات المضاربة، بل وعدد المضاربين، فضلًا عن المبالغ المالية التي تستخدم في المضاربة، بما سيكون له نتيجة واحدة حتمية: حالات هبوط وصعود للأسهم غير مبررة بسبب تحليلات المضاربين تحديدًا.

 

تطبيقات التداول

 

ويرتبط هذا الأمر بدرجة كبيرة مع النمو المطَّرد في عدد مستخدمي تطبيقات التداول في الأسهم، حيث تصل النسبة في المتداولين الجدد في الولايات المتحدة خلال الخمس سنوات الأخيرة إلى أكثر من 80%، وعلى الرغم من أن استخدام تطبيقات التداول أمر طيب في تيسير عمليات التداول ومراحلها بل وإلغاء بعض الخطوات والأدوار لا سيما للوسطاء، لكن لها مشاكلها المتعددة.

 

فنسبة تفوق 90% من المعتمدين على هذه التطبيقات يفرطون في متابعة أسعار الأسهم باستمرار بما يجعل لذلك من آثار سلبية على صحتهم العقلية من جهة، وعلى قراراتهم الاستثمارية من جهة، بل وصل الأمر إلى حد ما كشفته ورقة بحثية حول اعتبار أن 47% من المتداولين على تلك التطبيقات يستمر في نقل أمواله باستمرار وسرعة بشكل يشبه "كازينوهات القمار" وهؤلاء يعتبرون أن شراء الأسهم "اختبار للحظ" وليس استثماراً، وذلك على الرغم من قيام البعض بالاحتفاظ بالأسهم لفترات طويلة نسبيًا ولكنهم يبقون قلة.

 

 

ومع الزيادة المطَّردة في أعداد مستخدمي هذه التطبيقات، والذين يرونها بمثابة وسيلة لـ"الثراء السريع" فإن هذا يهيئ الأجواء أيضًا للمزيد من الاضطرابات والتقلبات في سوق الأسهم، خاصة مع ما تمثله من ضغط على أعصاب المتداولين في الأوقات العادية، فلا شك أن هذا الضغط سيتضاعف في ظل سوق متراجعة أو حتى تصحيحية.

 

الذكاء الاصطناعي

 

ومن أهم العناصر التي ستشكل طبيعة سوق الأسهم مستقبلًا درجة الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، إذ تكشف أحدث الدراسات أيضًا أن حوالي 70% من عمليات التجارة في الأسهم في الوقت الحالي تتم باستخدام كامل أو جزئي للذكاء الاصطناعي أو لنظم التداول المبنية على الخوارزميات بشكل عام، مع نمو سوق استخدام الذكاء الاصطناعي في سوق الأسهم بنسبة تفوق 12% سنويًا منذ عام 2021 الذي شهد انتشارًا واضحًا للذكاء الاصطناعي المفتوح في سوق الأسهم.

 

ويرتبط الاعتماد على الذكاء الاصطناعي بدرجة الثقة فيه، حيث تصل إلى 75% في دولة مثل الصين ومثل الهند، بينما تتراجع لتصل إلى 50% فحسب في البرازيل، وفقًا لدراسة أجرتها شركة "كي.بي.إم.جي" العالمية للمحاسبة.

 

 لكن تشير الدراسة أيضًا إلى أنه في دولة مثل اليابان لا تتعدى نسبة الثقة في الذكاء الاصطناعي و"قدرته على إدارة الأمور" 23% أما الأمريكيون فأعرب 40% منهم فحسب عن ثقتهم في الذكاء الاصطناعي بينما قال 24% إنهم على استعداد لاستخدام تطبيقاته في الحياة العادية (بما في ذلك سوق الأسهم).

 

ولكن الواضح أيضًا أن نسبة الثقة في كافة الدول المذكورة، وغيرها، ارتفعت الآن عنها قبل سنوات، وذلك على الرغم من التحفظات التي أبداها كثيرون، بما يؤشر لأن درجة الاعتماد عليه في سوق الأسهم في سبيلها في الارتفاع في ظل ثقة ترتفع تدريجيًا وسوق ينمو باستمرار.

 

 

والشاهد أن التداول الإلكتروني ونمو دور التطبيقات والذكاء الاصطناعي معًا يهددان بظهور سيناريوهات "قاتمة" وفقًا للكثير من الخبراء في الأمن السيبراني، حيث إن حدوث اختراقات كبيرة في بورصة ما أو منصات التداول قد يحدث انهيارات سريعة يصعب تداركها أو حتى تدارك آثارها اللاحقة على السوق في المستقبل، خاصة مع نمو مطَّرد لطرق تنفيذ الهجمات الإلكترونية التي أصبحت بعض الدول متهمة بدعمها.

 

والخلاصة أن الهجمات الإلكترونية وتأثير الشباب والذكاء الاصطناعي وتزايد استخدام التطبيقات وتوغل منطق أسواق العملات الرقمية في سوق الأسهم هي تأثيرات قد تزيد حالة عدم الاستقرار فيه مستقبلًا، وما قد يخفف من حالة عدم الاستقرار هذه هي التوسع المحتمل في الاستثمار في الأسواق الأقل نموًا، لا سيما في ظل تمتع غالبية شركاتها بفرص نمو محتملة كبيرة ومضاعفات نمو أقل من نظيرتها في الدول المتقدمة، ولكن تبدو القوى الدافعة نحو عدم الاستقرار مستقبلًا أقوى مجتمعة.

 

المصادر: أرقام- دراسة "The effects of trading apps on investment behavior over time"- المنتدى الاقتصادي العالمي- دراسة "what stock market returns to expect for the future?"- بيهفيريال ايكونوميكس- فوربس

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة ارقام ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من ارقام ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق