أحدثت شركة DeepSeek الصينية الناشئة ضجة كبيرة في عالم الذكاء الاصطناعي بإطلاق نماذج لغوية متقدمة تنافس أدوات الشركات الأمريكية الكبرى، لكنها طورتها بتكلفة أقل وباستخدام موارد حوسبة محدودة. وتمكنت الشركة من إطلاق نموذج DeepSeek-R1، وهو نظام مفتوح المصدر جزئيًا قادر على حل مشكلات علمية معقدة، بمستوى يقارب نماذج OpenAI المتطورة. كما أطلقت مؤخرًا Janus-Pro-7B، وهو نموذج يمكنه إنشاء صور من مطالبات نصية، على غرار DALL-E 3 وStable Diffusion.

استفادت DeepSeek من الدعم الحكومي الصيني المكثف لتطوير قطاع الذكاء الاصطناعي، وهو جزء من رؤية الصين لتصبح رائدة عالمية في هذا المجال بحلول عام 2030. وبحسب التقارير، شجعت بكين على تنمية المواهب المتخصصة، حيث وافقت وزارة التعليم على إدراج الذكاء الاصطناعي في 440 جامعة بحلول عام 2022. كما استثمرت الصين في مختبرات متقدمة، مثل المختبر الوطني للهندسة لتكنولوجيا التعلم العميق، والذي تقوده شركة Baidu، مما ساهم في تدريب آلاف المتخصصين.

واجهت DeepSeek تحديات كبيرة بسبب قيود التصدير الأمريكية التي منعت الصين من الحصول على شرائح الذكاء الاصطناعي المتقدمة منذ عام 2022، لكنها تغلبت على هذا العائق بفضل نهجها الفريد في الابتكار. استخدمت الشركة حوالي 2000 شريحة H800 من Nvidia، مقارنةً بمنافسيها في الغرب الذين يعتمدون على عشرات الآلاف من الشرائح الأقوى مثل H100. وبفضل تقنيات تعلم آلي متقدمة، تمكنت من تدريب نماذجها بكفاءة عالية وبعدد أقل من الرقائق.

تعتمد الشركة على أساليب جديدة لتعزيز أداء نماذجها، حيث تستخدم تقنية "الانتباه الكامن متعدد الرؤوس"، التي تسمح بتخزين المزيد من البيانات باستخدام ذاكرة أقل، مما يعزز من كفاءة النماذج. ووفقًا للخبراء، يمكن لنجاح DeepSeek أن يصبح نموذجًا للدول التي تطمح إلى دخول سباق الذكاء الاصطناعي، لكنها تفتقر إلى الموارد المالية والتقنيات المتاحة في وادي السيليكون.

قد يؤدي النهج الصيني في تطوير الذكاء الاصطناعي، الذي يركز على الابتكار تحت القيود التقنية، إلى إحداث تغيير جذري في مستقبل الصناعة، مما يفتح المجال أمام منافسة عالمية أوسع في هذا المجال المتسارع. وبينما تحاول الدول الغربية فرض قيود على تصدير التقنيات المتقدمة، يبدو أن الصين وجدت طرقًا بديلة للاستمرار في التطوير وتحقيق تقدم غير متوقع.