صفقة الأسرى: إرادة غزة تتفوق على قوة الاحتلال - اخبارك الان

0 تعليق ارسل طباعة

 

 

في مشهد دراماتيكي يعكس تحول موازين القوة على الأرض، شهد ميناء غزة يوم السبت 1 فبراير 2025 عملية تسليم ثلاثة أسرى إسرائيليين في استعراض عسكري لكتائب القسام، ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار. هذه العملية، التي رافقتها رسائل رمزية قوية، كشفت عن هشاشة الرواية الإسرائيلية حول سيطرتها الأمنية وقدرتها على ردع المقاومة الفلسطينية.

سلّمت "وحدة الظل" في كتائب القسام الأسير كيث سيغال، الحامل للجنسية المزدوجة الأميركية-الصهيونية ، للصليب الأحمر الدولي في ميناء غزة، بعد تسليمها الأسيرين ياردن بيباس وعوفر كالدرون في خان يونس. في المقابل، أفرجت إسرائيل عن 183 أسيراً فلسطينياً ضمن الدفعة الرابعة من صفقة التبادل..

لم تكن عملية تسليم الأسرى مجرد صفقة، بل رسالة للعالم وللرئيس الأميركي "دونالد ترامب الثاني" بأن غزة عصية على الانكسار، وسكانها متمسكون بأرضهم رغم الحصار والحرب. هذا المشهد أثار تساؤلات عميقة في الشارع الصهيوني: ماذا أنجز جيش الاحتلال خلال 15 شهراً من العمليات العسكرية المكثفة؟

برغم أيديولوجيته المعادية لاتفاقيات تبادل الأسرى وتعنته في ابرام صفقة التبادل، يُعد بنيامين نتنياهو أكثر من وقع مثل هذه الاتفاقيات، محققاً مكاسب سياسية واضحة. من صفقة شاليط الشهيرة إلى قضية عمة يسسخار التي كانت مسجونة في روسيا بتهمة المخدرات واطلق سراحها في 29 يناير 2020 حيث أرسل طائرته الخاصة لاستعادتها، يتجلى تناقضه بين التصريحات والممارسات.

الفارق الصارخ بين أوضاع الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم، الذين عانوا من سوء التغذية وظروف قاسية، مقارنةً بحالة الأسرى الصهاينة الجيدة رغم الحصار، يكشف عن انتهاكات الاحتلال للمواثيق الدولية. سياسات القمع التي ينتهجها وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، بمنع الخبز والاستحمام والماء الساخن عن الأسرى الفلسطينيين، تفضح ازدواجية المعايير الصهيونية.

مشهد تسليم الاسرى الصهاينة في ميناء غزة وخان يونس عكس جليا "صور الالتفاف الجماهيري والحشود الشعبية المرافقة والمحتفلة بهذا الإنجاز تمثل استفتاءً حقيقياً على أن نهج المقاومة هو السبيل لتحرير الأرض والمقدسات". كما أكدت أن "الحالة الجسدية والنفسية الجيدة التي يظهر بها أسرى العدو تُثبت قيم المقاومة والتزامها الأخلاقي تجاه الأسرى، بينما يرتكب الاحتلال أبشع الانتهاكات بحق الأسرى الفلسطينيين".

السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا تصر دولة الكيان الصهيوني على سجن الأسرى الفلسطينيين مدى الحياة أو إصدار أحكام مؤبدة بمئات السنين؟ هل هو رادع أمني أم استعراض للقوة؟ ووفق مؤسسات حقوقية فلسطينية، تعتقل إسرائيل أكثر من 10 آلاف فلسطيني، بينهم نحو 600 محكومون بالسجن المؤبد.

اللافت في عملية التسليم ظهور القيادي في حماس هيثم الحواجري، قائد كتيبة مخيم الشاطئ التابعة لكتائب القسام، والذي سبق أن أعلن الاحتلال اغتياله. فقد أقر المتحدث باسم الجيش الصهيوني، دانيال هاغاري، بفشلهم في اغتيال الحواجري الذي زُعم مقتله في ديسمبر 2023، مما بدد مزاعم الكيان حول القضاء على قادة المقاومة.

أما التصريحات الصهيونية التي تحدثت عن القضاء على 80% من قوة حماس، فقد تبخرت أمام مشاهد تسليم الأسرى، حيث تجلت قوة المقاومة وقدرتها على فرض معادلات جديدة.

ختاماً، تُظهر هذه التطورات أن المقاومة الفلسطينية ليست مجرد حركة عسكرية، بل مشروع وطني متجذر في الوعي الشعبي، قادر على تحدي الاحتلال وتغيير معادلات القوة في المنطقة.

باحث وكاتب اردني


إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق