نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
قرى “غية” و”آل صميد”.. شواهد أثرية تجمع الإبداع والعراقة في المجاردة - اخبارك الان, اليوم الاثنين 3 فبراير 2025 09:57 مساءً
تعد قرى “غية” و “آل صميد” الواقعة شرق محافظة المجاردة شمال منطقة عسير، وتبعد 180 كيلومترًا عن مدينة أبها واحدة من أبرز المعالم التاريخية والطبيعية في المنطقة، وتتميز بمناظرها الخلابة وتضاريسها الفريدة، خاصةً صخورها السوداء التي تشكل جزءًا رئيسًا من هويتها الجغرافية والثقافية.
وتقع قرية “غيّة” في مركز خاط على قمة جبل تهوي من الجهة الجنوبية الشرقية لمحافظة المجاردة، ويسكنها آل الصليحي من قبيلة آل صميد، الذين تقاسموا فيها مزن السماء والصخور السمراء والمسطحات الخضراء والمساكن البيضاء التي تتخللها المياه المنسابة من فوق الصخور وبين منابت الشجر ومدارج الإنسان لتصنع مشهدًا ربانيًّا يعكس لون الأرض وزرقة السماء، متدفقًا على صفحات الصخور المبهرة التي منحت إنسان المكان التحدي الممزوج بالإبداع.
وتميزت “غيّه” باعتدال أجوائها وإطلالتها البانورامية على محافظة المجاردة لارتفاعها عن سطح البحر بأكثر من 1700 متر، مما جعلها منطقة جاذبة لعشاق الطبيعة والحياة البرية، حيث تجتمع فيها أنواع الطيور البرية مثل الحمام البري والعيزاء وغيرها من الوبارة والأرانب كما أنها تتميز بتجمّع الطيور النادرة، وتعد مأوى للصقور بأنواعها المختلفة مما زاد أهميتها لدى عشاق الطبيعة.
وتقع قرية غيّة وسط طبيعة خلابة وتضاريس جبلية متنوعة، فيكسوها طبقة من الأشجار المعمرة كالسدر والرقاع والإبراء والبن والحناء والتين الشوكي وشجر اللبان والمرّ، وتشتهر بالنباتات العشبية والأزهار التي يتربى عليها النحل، وينتج منها العسل بأنواعه المختلفة ذات الجودة العالية.
ولم تكن تلك الجبال عائقًا أمام الإنسان، بل استطاع أن يستوطنها فترة من الزمن، ويتربع على أعالي قممها، ليجعل منها قرى تنبض بالحياة، فالزائر لذلك المكان يلمس أروع المنجزات البشرية التي تمت بسواعد أبنائها في القدم والمتمثل في تكسير الصخور لبناء المساكن وتعبيد الطرق المؤدية لها وتوزيع مياه الأمطار إلى مساكنهم ومزارعهم واستغلال الشقوق بين الصخور لحفظ الأعلاف والحبوب والأدوات الزراعية وتخصيص مواقع لدفن موتاهم، وتشييد مشهد لإقامة صلاة العيدين ومسجد كانت تقام فيه الصلوات وصلاة الجمعة وكذلك ساحة شعبية يجتمعون فيها، وتقام عليها احتفالاتهم، حيث كانت الحياة اليومية للسكان في “غيّة” تعكس تناغمًا مع الطبيعة فكانوا يقضون أيامهم في زراعة المدرجات الزراعية وتربية المواشي من أغنام وأبقار، وينتجون بعض الفواكه الموسمية التي تتكيف مع طبيعة المناخ في ذلك المكان .
في جانب آخر، تتربع “رهوة آل صميد” في الجهة الشرقية من محافظة المجاردة، وتبعد عنها 20 كيلومترًا تقريبًا، ويصل إليها الزائر عبر طريق ترابي وعر يبدأ من الشارع العام في مركز خاط، ويعبر الجهة الشمالية الغربية للقرية، ولكنها تتميز بمناخ لطيف في فصل الصيف وبارد ممطر في فصل الشتاء، ويظللها جبل القرن عند الشروق وجبل تهوي عند الغروب، وتعد “الرهوة” من أجمل المتنزهات الطبيعية في المحافظة حيث حباها الله بتنوع التضاريس وجمال الطبيعة وانتشار المدرجات الزراعية ووفرة الموارد المائية والمساكن الحجرية البديعة المتناثرة بين أحضان الطبيعة ذات الأشجار الكثيفة كالسدر والأثب والرقاع، بالإضافة إلى النباتات والحشائش الطبيعية المتداخلة بين التشكيلات الصخرية العجيبة.
وتتميز بإطلالتها على ضواحي مدينة المجاردة وخاط، ويتطلع أهاليها إلى تعبيد الطرق المؤدي إليها وسفلتتها والعناية بها من الأمطار والسيول وتطوير المكان واستغلاله الاستغلال الأمثل في ظل توجهات القيادة الرشيدة لتفعيل الاستثمار في المجالات السياحية والنزل الريفية وإعادة الحراك الاجتماعي والاقتصادي لذلك المكان ليجد الزائر فيه المتعة والراحة.
وتقع تلك القرى على مرتفعات جبلية تتميز بالصخور السوداء الضخمة، التي شكلت مشهدًا مذهلًا يشد أنظار العابرين من حولها، مما جعلها ذات أهمية في جذب السياح الأجانب من مختلف بلدان العالم في ظل اهتمام قيادة المملكة بأن تكون عسير وجهة سياحية على مدار العام، وقد أبدع الإنسان في كيفية بناء منازله على الصخور الملساء، حيث تمكن من استخدام تقنيات قديمة تتناسب مع الطبيعة الجغرافية الوعرة، فكانت المنازل تُبنى بشكل متراص ومتماسك، مما يوفر للأهالي الحماية والاستقرار على مر السنين.
ليست غيّة وآل صميد مجرد قرى جبلية فحسب، بل هي إرث طبيعي وتاريخي يعكس قدرة الإنسان على التكيف مع البيئة واستغلال مواردها بحكمة، كما أن هذه القرى، التي وقفت شامخة فوق صخورها السوداء، تروي قصة حضارة عريقة تستحق أن تُحفظ وتُروى للأجيال القادمة.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط
0 تعليق