يسارع مسؤولو إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لفهم تفاصيل خطته المفاجئة للسيطرة على قطاع غزة وإعادة تطويره إلى منطقة سياحية عالمية، في خطوة أثارت استغراب الكثيرين. يعتقد بعض المسؤولين أن غرابة الفكرة قد تدفع دولًا أخرى إلى تقديم مقترحات بديلة للقطاع الفلسطيني.

بحسب مصادر مطلعة تحدثت لشبكة CNN، فإن فكرة ترامب، التي أعلنها خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لم تكن نتيجة دراسات مطولة من قبل الخبراء، بل تبلورت تدريجيًا ونشأت من الرئيس نفسه.

ترامب يقلب معادلة السياسة التقليدية
تُعد هذه الخطة مثالًا جديدًا على كيفية اتخاذ ترامب قراراته، حيث ينطلق من أفكار شخصية بدلاً من تطويرها عبر مشاورات مع المختصين قبل طرحها رسميًا. وفقًا لمسؤولين أمريكيين، فإن الهدف من هذا المقترح هو إعادة إحياء النقاش حول غزة، حيث يرى ترامب أن المجتمع الدولي لم يقدم أي حلول ملموسة لإعادة إعمار القطاع بعد الدمار الذي خلفه القصف الإسرائيلي في أعقاب هجوم حركة حماس في 7 أكتوبر 2023.

إعلان ترامب عن خطته من البيت الأبيض كان بمثابة صدمة، إذ لم يكن العديد من مستشاريه على علم بها حتى لحظة طرحها في المؤتمر الصحفي. وصف بعض المسؤولين رد فعلهم بأنه كان "مذهولًا"، بينما أشار آخرون إلى أن ترامب ناقش الفكرة مع عدد محدود من الأشخاص قبل اجتماعه مع نتنياهو.

واقع غزة وتأثيره على قرار ترامب
عاد مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، من زيارة لغزة بانطباع "رهيب" عن حجم الدمار هناك، مؤكدًا أن القطاع لم يعد صالحًا للسكن. في مؤتمر صحفي، صرح ويتكوف بأن غزة تفتقر إلى البنية التحتية الأساسية مثل المياه والكهرباء والغاز، وأن الأوضاع الصحية قد تتدهور بشكل كارثي.

وأشار ويتكوف إلى أن ترامب يرى في خطته حلًا طويل الأمد لجعل القطاع قابلًا للسكن مجددًا، معتبرًا أن المقترح يمثل تحولًا استراتيجيًا في السياسة الأمريكية تجاه غزة.

ردود الأفعال والانقسام السياسي
داخل البيت الأبيض، أكدت المتحدثة باسم الإدارة، كارولين ليفيت، أن ترامب كان يروج لهذه الفكرة منذ فترة، لكنها لم تُصغ بشكل رسمي حتى لحظة إعلانه عنها. كما أوضح مسؤول آخر أن تقرير ويتكوف عن زيارته لغزة كان "نقطة تحول" دفعت ترامب لطرح الخطة علنًا.

المقترح لم يكن جزءًا من المشاورات التي أجراها ترامب مع أعضاء الحزب الجمهوري في لجنة القوات المسلحة، مما أدى إلى تفاجؤ العديد من السياسيين الجمهوريين عند سماعه لأول مرة في المؤتمر الصحفي. وزير الخارجية ماركو روبيو، الذي كان في زيارة لغواتيمالا، علم بالخطة أثناء مشاهدته البث المباشر للمؤتمر الصحفي، ما يعكس مدى السرية التي أحاطت بالفكرة.

تحديات التنفيذ وإمكانية النجاح
يرى مراقبون أن تنفيذ خطة ترامب قد يواجه عقبات كبيرة، خاصة مع الرفض القاطع من قبل دول المنطقة لاستقبال لاجئين فلسطينيين. ومع ذلك، يؤكد ترامب ثقته في إمكانية التوصل إلى اتفاق مع الأردن ومصر بشأن النازحين، مشيرًا إلى أنه سيناقش هذه المسألة مع العاهل الأردني الملك عبدالله خلال زيارته المقبلة إلى البيت الأبيض.

هل تتحول غزة إلى "ريفييرا الشرق الأوسط"؟
لطالما أبدى ترامب اهتمامه بالموقع الجغرافي المميز لغزة، مشيرًا إلى إمكانياتها السياحية الكبيرة. وقد سبق أن قدم صهره ومستشاره السابق، جاريد كوشنر، رؤية مشابهة، معتبرًا أن الواجهة البحرية للقطاع "ذات قيمة عالية".

في خطابه يوم التنصيب، تحدث ترامب عن غزة قائلاً: "إنه موقع رائع، على البحر، بأفضل طقس. كل شيء جيد، يمكن عمل بعض الأشياء الجميلة هناك". هذه التصريحات، التي بدت حينها غير جادة، تحولت لاحقًا إلى خطة فعلية قد تحمل تداعيات جيوسياسية كبيرة في المنطقة.

بينما أثارت فكرة سيطرة الولايات المتحدة على غزة دهشة واسعة، يعتقد مؤيدو ترامب أن مقترحه سيضغط على الأطراف الأخرى لتقديم بدائل أكثر واقعية. ومع استمرار النقاش حول مستقبل القطاع، يبقى السؤال الأهم: هل يمكن أن تتحول غزة من منطقة نزاع إلى وجهة سياحية عالمية كما يتخيلها ترامب؟.