وأوضحوا في حديثهم لـ "اليوم" بمناسبة اليوم العالمي للصرع، أن التطورات الطبية والتقنيات الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعي والتحفيز العصبي، أسهمت في تحسين تشخيص المرض وعلاجه، مما يتيح للمرضى فرصًا أفضل للسيطرة على النوبات.
وأكد استشاري الصرع وألزهايمر، رئيس الشعبة السعودية لطب أعصاب الإدراك والسلوك، الأستاذ الدكتور هيثم أسامة طيب، أن الصرع من أكثر الاضطرابات التي تعاني من الوصمة الاجتماعية، رغم أن غالبية المصابين به يستطيعون العيش حياة طبيعية تمامًا، بل ويمكن أن يشفوا منه.
وأوضح الدكتور طيب أن الوصمة المجتمعية تجاه مرضى الصرع لا تزال قائمة، رغم التقدم العلمي والطبي الكبير في فهم المرض وعلاجه.
![د. هيثم طيب](https://www.akhbarkalaan.com/content/uploads/2025/02/10/e998278862.jpg)
د. هيثم طيب
أسئلة صعبة
وأشار إلى أن بعض المعتقدات الخاطئة حول الصرع ما زالت مترسخة في أذهان الناس، متسائلًا: "هل تزوج ابنتك لمريض صرع؟ إن كانت الإجابة بلا قاطعة، فقد خضعت للوصمة. هل ترى أنه يجب منع مرضى الصرع من بعض المهن؟ إن قلت نعم، فقد خضعت للوصمة. هل تعتقد أن مرضى الصرع أقل ذكاءً من غيرهم؟ إن أجبت بنعم، فأنت خضعت للوصمة أيضًا."
وشدد الدكتور طيب على أن المصابين بالصرع ليسوا أقل شأنًا من غيرهم، وأن المرض لا يحدد هويتهم أو يتحكم في مستقبلهم.
وأضاف أن الصرع ليس مرضًا ميؤوسًا منه، بل هناك دائمًا ما يمكن عمله طبيًا وجراحيًا لمساعدتهم، مشيرًا إلى أن فرقًا طبية متعددة التخصصات تتعاون لدراسة حالة المريض، وتشخيص مصدر النوبات الصرعية، ووضع خطط العلاج المناسبة لضمان جودة حياة عالية للمصابين.
وفيما يتعلق ببعض المعتقدات الشعبية الخاطئة، نفى الدكتور طيب أي علاقة بين الصرع والمسّ أو الجن، مؤكدًا أن هذه الأفكار لا تستند إلى أي أساس علمي، بل تساهم في ترسيخ الوصمة ضد المرضى.
وقال: "الصرع حالة طبية لها أسبابها البيولوجية والعصبية، ومن يعتقد غير ذلك يقع في خطأ كبير."
وأكد الدكتور طيب أن المجتمع الطبي يقف قلبًا وقالبًا مع مرضى الصرع، ويعمل على تقديم الرعاية والدعم لهم، داعيًا إلى تصحيح المفاهيم الخاطئة وإزالة الوصمة التي تحيط بالمرض، من أجل مجتمع أكثر وعيًا وإنسانية.
مريض الصرع شخص طبيعي
من جهتها أكدت استشارية طب المخ والأعصاب، الدكتورة نورة المسلم، أن الصرع اضطراب عصبي يصيب ملايين الأشخاص حول العالم، ويتميز بنوبات تشنجية مفاجئة غالبًا ما يصاحبها فقدان للوعي، مما قد يؤثر على الحياة اليومية للمصابين.
وأوضحت أن التوعية بالصرع أمر بالغ الأهمية لتعزيز الفهم وتقليل الوصمة المجتمعية، مشيرة إلى أن الغالبية العظمى من المصابين يمكنهم العيش حياة طبيعية متكاملة عند الالتزام بالعلاج.
![د نورة المسلم](https://www.akhbarkalaan.com/content/uploads/2025/02/10/0b80dfa6b5.jpg)
د نورة المسلم
وأشارت إلى التطورات الحديثة في علاج الصرع، والتي تشمل تطوير أدوية مضادة للصرع أكثر فعالية بشكل مستمر، بالإضافة إلى العلاجات المبتكرة مثل التحفيز العصبي المستجيب، الذي يستهدف البؤرة المنتجة للنوبات مباشرة في الدماغ عبر جهاز مزروع بالقرب منها.
وأضافت المسلم أن دعم مريض الصرع يتطلب الصبر والفهم، مؤكدة على أهمية التعرف على محفزات النوبات، والحفاظ على بيئة هادئة أثناء حدوثها، وتقديم الطمأنينة بعد انتهائها، لافتة إلى أن التثقيف حول المرض يمكن أن يمكّن المرضى ومقدمي الرعاية من التعامل معه بشكل أفضل.
اكتشاف أساس المرض لتطوير علاج
وفيما يخص البحث العلمي، أوضحت المسلم أن الدراسات تستكشف الأساس الجيني للصرع، مما يمهد الطريق لتطوير أدوية مخصصة لكل مريض وفقًا لخصائصه الجينية، مشيرة إلى أن هذه الجهود تسهم في تحسين جودة الحياة للمصابين وتعزيز الوعي المجتمعي بالمرض.
تحسين جودة حياة المرضى
من جهتها أكدت الدكتورة موضي سعد الخالدي، استشارية وأستاذ مساعد في قسم طب المخ والأعصاب بمستشفى الملك فهد الجامعي، أن السنوات الأخيرة شهدت تقدماً كبيراً في تشخيص وعلاج الصرع، مما ساهم في تحسين جودة حياة المرضى.
![د موضي الخالدي](https://www.akhbarkalaan.com/content/uploads/2025/02/10/d53959d8e8.jpg)
د موضي الخالدي
وأوضحت أن التطورات في تقنيات التصوير، مثل التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI) والتصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني (PET)، أسهمت في تحديد بؤر الصرع بدقة، مما يسهل التدخل العلاجي والجراحي. كما عزز الذكاء الاصطناعي دقة التشخيص عبر تحليل تخطيط كهربية الدماغ (EEG) والتصوير الطبي، إلى جانب التمييز بين النوبات الصرعية والاضطرابات المشابهة.
وفي مجال العلاج، أشارت الخالدي إلى دور الذكاء الاصطناعي في التنبؤ بالنوبات الصرعية قبل حدوثها باستخدام بيانات تخطيط الدماغ وأجهزة الاستشعار القابلة للارتداء، مما يتيح للمرضى اتخاذ تدابير وقائية. كما ساهم الذكاء الاصطناعي في تطوير علاجات مخصصة تعتمد على تحليل البيانات الوراثية والعصبية، ما يساعد في اختيار الأدوية المناسبة وتقليل الآثار الجانبية.
وأضافت أن العلاجات المبتكرة تشمل أدوية جديدة تعتمد على تقنية النانو، إضافة إلى التحفيز العصبي، مثل التحفيز العميق للدماغ (DBS) والتحفيز المبهم (VNS)، اللذين أثبتا فعاليتهما في تقليل النوبات لدى المرضى غير المستجيبين للأدوية. كما يجري العمل على أبحاث متقدمة في العلاج الجيني لتصحيح التشوهات الجينية المسببة للصرع.
وأشارت الخالدي إلى أن التدخل الجراحي يمثل خياراً علاجياً مهماً للمرضى الذين لا يستجيبون للعلاجات الدوائية، حيث تهدف العمليات الجراحية إلى استئصال البؤر الصرعية أو عزلها، مما يسهم في تقليل النوبات أو القضاء عليها. وتشمل الخيارات الجراحية استئصال البؤر الصرعية، وقطع المسارات العصبية، وتقنيات التحفيز العصبي الحديثة.
وأكدت أن هذه التطورات توفر خيارات علاجية متقدمة تسهم في تحسين نتائج العلاج وتقليل تأثير الصرع على حياة المرضى.
0 تعليق