موقف الملك عبد الله الثاني: ثبات في الرؤية والتزام بالمبادئ - اخبارك الان

0 تعليق ارسل طباعة

في عالم يعج بالتحولات السياسية والتغيرات المتسارعة، يبقى موقف الأردن ثابتًا لا يتغير، راسخًا كجبال عمان، واضحًا كضوء الشمس في ظهيرة الصحراء. هكذا تجلى موقف جلالة الملك عبد الله الثاني خلال لقائه الأخير مع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، حين وقف مدافعًا عن الحق، ومؤكدًا أن المبادئ لا تخضع للمساومة، وأن القضية الفلسطينية ليست مجرد ملف سياسي، بل حق تاريخي وإنساني لا يمكن تجاوزه.

بين الحقائق والمساومات

لطالما كانت القضية الفلسطينية حجر الزاوية في السياسة الأردنية، ولطالما حمل الأردن هذا الملف على كتفيه بثقل المسؤولية ووضوح الرؤية. وحين سُئل الملك عن موقفه من مقترحات إعادة توطين الفلسطينيين خارج أراضيهم، جاء رده أشبه بحد السيف: "الأردن لن يكون جزءًا من أي ترتيبات تنتقص من حقوق الفلسطينيين أو تفرض عليهم واقعًا جديدًا.” بهذا الحسم، وضع الملك حدًا لأي محاولات لفرض حلول غير عادلة، مؤكدًا أن الأرض لأصحابها، وأن التاريخ لا يُمحى بقرار سياسي.

ليس غريبًا على الأردن أن يكون في صف العدل، فهو الذي احتضن الفلسطينيين في محنهم، وساندهم في معاركهم، لكنه في الوقت ذاته يعرف أن دعمه لهم لا يعني أن يتحمل وحده عبء القضية، أو أن يكون البديل عن وطنهم الأم.

إنسانية لا تعرف الحدود

في زمن أصبحت فيه المصالح السياسية تُقاس بالأرقام والصفقات، يثبت الأردن مرة بعد مرة أن الإنسان هو الأولوية. حين اشتدت الأزمات على أهل غزة، لم يقف الأردن متفرجًا، بل مدّ يده بالمساعدة، وكانت كلمات الملك واضحة عندما أعلن أن الأردن سيستقبل 2000 طفل مريض من القطاع لتلقي العلاج، في خطوة تحمل في طياتها رسالة إنسانية عميقة: "نحن معكم، ولن نترككم وحدكم في معاناتكم.”

هذه ليست مجرد مبادرة صحية، بل تأكيد على أن السياسة ليست مجرد مواقف جامدة، بل هي قبل كل شيء فعل إنساني يُجسد على أرض الواقع.

الرهان على الحل العادل

حين سُئل الملك عن مستقبل غزة وعن الحلول المطروحة، لم يقدم إجابات دبلوماسية فارغة، بل تحدث عن جوهر القضية، موضحًا أن الدول العربية، وعلى رأسها مصر، تعمل على تقديم خطة متكاملة لمستقبل غزة. "دعونا ننتظر لنرى كيف ستتطور الأمور”، قال الملك، مشيرًا إلى أهمية التعاون العربي في وضع الحلول.

لكنه في الوقت ذاته، لم يترك مجالًا للالتباس حول موقف الأردن من الحل النهائي، فأعاد التأكيد أن السبيل الوحيد لتحقيق السلام والاستقرار هو حل الدولتين، حيث يحصل الفلسطينيون على دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. بالنسبة له، لا بديل عن هذا الحل، ولا يمكن القفز فوق التاريخ والجغرافيا لصالح حلول مؤقتة لا تعالج جذور المشكلة.

التاريخ لا يُكتب بالمساومات

في السياسة، كما في الحياة، هناك لحظات فاصلة تُحدد معادن الرجال، وتكشف عن ثبات المواقف. لقاء الملك عبد الله الثاني مع الرئيس ترامب كان إحدى هذه اللحظات، حيث أظهر الأردن مرة أخرى أنه ليس مجرد متفرج على الأحداث، بل طرف فاعل يحمل رؤية واضحة، ويدافع عن قضايا أمته بثبات لا يتزعزع.

بينما تتغير المواقف، وتُعقد الصفقات، وتُلقى الوعود، يبقى موقف الأردن كما هو، ثابتًا لا يتلون، واضحًا لا غموض فيه، لأن القضايا العادلة لا تحتاج إلى مساومات، بل تحتاج إلى من يحملها بصدق وإخلاص، وهذا ما فعله الملك عبد الله الثاني، وما سيظل الأردن يفعله، حتى يتحقق العدل، وينتصر الحق.

ا د هاني الضمور


إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق