المدرسة المغربية ما بين التلقيح ونظرية المؤامرة - اخبارك الان

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
المدرسة المغربية ما بين التلقيح ونظرية المؤامرة - اخبارك الان, اليوم الجمعة 14 فبراير 2025 07:59 مساءً

رضوان المسكيني

مؤخرا توقفت ذاكرتي لبرهة عن التفكير عندما رأيت مقطع فيديومتداول هذه الأيام لكاتب وباحث مصري في علم ما وراء الطبيعة، وهو يتحدث السنة الماضية عن لقاح جديد سيتم إنتاجه وفرضه على أطفال الدول العربية، مؤكدا أنه حذر من هذا ا في السابق وفي نفس الآن يغذي نظرية المؤامرة التي أصبحت تؤمن بها جميع الشعوب المقهورة.

ما أدهشني حينها تعليقات بعض المتتبعين لتلك الصفحة من المغاربة، والذين انساقوا مع الموضوع بكل هوادة مؤكدين أن هذا اللقاح شرع في تنفيذه بالمغرب غصبا. وفرض على تلاميذ المدارس وكل من رفضه من الآباء سيتم استبعاد ابنه من المدرسة.

الواقع الجلي أن جميع المعلقين في تلك الصفحة، لا أحد منهم على دراية كاملة بالموضوع وكلهم في نفس المستوى من الجهل بالقضية، ضاربين مبدأ تحري الحقيقة عرض الحائط ،والذي قد لا يأخذ من المتتبع بضع دقائق للتحري في الموضوع. حتى لاينساق مع القطيع الذي يؤمن بما يسمى بالمؤامرة ضد الشعوب.

  نظرية المؤامرة (Conspiracy Theory)هو مصطلح يشيرلشرح حدث أو موقف اعتمادا على مؤامرة لامبرر لها ، وعموما تؤخد المؤامرة في مضمونها على أفعال غير قانونية أو مؤذية تنفذها حكومة أو منظمة أو أفراد. تنتج نظريات المؤامرة في أغلب الحالات افتراضات تناقض مع الفهم التاريخي السائد للحقيقة البسيطة.

 فالتلقيح الذي أعلنته وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، بشراكة مع وزارة التربية الوطنية التي أصدرت مذكرة تنص على إطلاق حملة واسعة لمراقبة واستكمال تلقيح التلميذات والتلاميذ ضد داء الحصبة داخل المؤسسات التعليمية، وفق تدابير تأتي في إطار احترام مقتضيات القانون الإطار رقم 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين، وخاصة المادة 20 التي تنص على إلزامية التمدرس، وكذا القانون رقم 04.20 المتعلق بالبطاقة الملكية للمناعة. كما تعكس حرص الوزارة على تحصين الفضاء المدرسي من الأمراض المعدية، وتعزيز الجهود الرامية إلى حماية صحة التلميذات والتلاميذ، بما يضمن سلامتهم واستمرارية تحصيلهم الدراسي في ظروف آمنة، مشددة على ضرورة توفير فضاءات ملائمة للتلقيح، ومنع الاختلاط أثناء فترات الانتظار، مع مراعاة الفروق الفردية بين التلاميذ لضمان انسيابية العملية في أفضل الظروف.

ومن بين الإجراءات التي أقرتها المذكرة، استبعاد التلاميذ المصابين أو الذين امتنع أولياؤهم عن تلقيحهم، في حالة تسجيل إصابات في صفوفهم، وذلك كإجراء احترازي يهدف إلى الحد من تفشي المرض. كما أكدت الوزارة على إمكانية إغلاق المؤسسات التعليمية التي تشهد انتشارًا وبائيًا، بناءً على توصيات المصالح الصحية المختصة، التي ستحدد مدى خطورة الوضع وتتخذ القرار المناسب وفقًا لذلك.

وفيما يتعلق بالحالات الفردية التي لا تشكل بؤرًا وبائية، فقد دعت المذكرة إلى استبعاد التلاميذ المصابين، بناءً على التشخيص الطبي، مع إشعار أولياء أمورهم بضرورة إبقائهم في المنزل إلى حين استكمال العلاج والتأكد من شفائهم التام. أين هي المؤامرة في إجراءات تهدف بالأساس إلى حماية أبناء هذا الوطن ورجال غذ آتي؟.

لا يوجد ما هو أسوأ من نظرية المؤامرة، حين تنتشر بين الشعوب، حيث إنها تعطل العقل والمنطق، وهي نظرية مناقضة لنظرية الفعل، فهي الأفيون المعطل للعقل، والمرض النفسي المزمن الذي لا تستقيم معه إرادة التغيير. وإذ يقال في قانون الإشاعة إنَّ مقدار الإشاعة يتناسب طرديًا مع مقدار الغموض، فإن مستوى الإيمان والانتشار لنظرية المؤامرة يتناسب طرديًا مع مستويات الهزيمة الداخلية والعجز، إضافة لمستويات الجهل بالقضية كما هو حال بعض المعلقين في الصفحة من المغاربة.

قد يعزى السبب إلى التربية داخل الأسرة منذ الصبا؟ وقد يعزى إلى المدرسة حتى وإن وجدت بعض المفاهيم الكونية داخل المقررات الدراسية فهي لا تدرس بمنهجية سليمة يستطيع من خلالها المتعلم التقاط معناها الحقيقي.

 مدرستنا اليوم رغم انتسابها إلى الحداثة، في حاجة إلى إصلاح يأخذ في الاعتبار إلغاء ما يشوب مناهجها من وطنية شوفينية تؤدي إلى بخس قدر الأوطان الأخرى والاستخفاف بمصالحها، ويحذف منها ما يمكن أن يزرعه القائمون على تنفيذ المقررات المدرسية من أفكار التفضيل والاستعلاء على ثقافات غيرهم من الأمم.

حتى لاننتج رجل مستقبل بأفكار متطرفة ضد الوطن والعالم.

 لابد أن يكون البعد الإنساني حاضرا في إصلاح المنظومة التربوية والذي يتطلب العمل في جميع المستويات التعليمية على إزالة ما يثير أسباب العداوة والبغضاء تجاه الآخرين، وتطعيم المقررات بما يقرب بين الناس، ووضع أسس يقوم عليها بناء مجتمع يسوده التفاهم والتعاون بين أفراده والعيش في بيئة توفر الأمن والسلام.

 

 

 

 

أخبار ذات صلة

0 تعليق