- في كتاب "التكوين: الذكاء الاصطناعي والأمل والروح البشرية"، يتناول كل من هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، وإريك شميدت، الرئيس السابق لمجلس إدارة شركة جوجل، وكريج موندي، المستشار الأول السابق للرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت، الإمكانات الثورية والتحديات الوجودية الناجمة عن التطور المتسارع للذكاء الاصطناعي.
- يجمع هذا الكتاب -ببراعةٍ فائقة- بينَ رؤىً تاريخية وتقنية وفلسفية ليضعَ استراتيجياتٍ أخلاقية للتعايش مع الذكاء الاصطناعي، على نحوٍ يحفظُ لِلإنسان كرامته.
- وكما يرى العديد من الخبراء اليوم، يمثل الذكاء الاصطناعي تحديًا جسيمًا، وفي الوقت نفسه، نافذةً على فرص واعدةٍ تُمكن من تحقيق الكثير.
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
- يتجاوز مؤلفو هذا الكتاب الإمكانات التقنية للذكاء الاصطناعي ليركزوا على أهم التساؤلات الوجودية التي تواجهها البشرية، بدءًا من كيفية تغيّر تصورنا للواقع وصولًا إلى كيفية تطور عمليات اكتساب المعرفة لدينا.
- ويُقدم هذا الكتاب رؤية مُفصَّلة لعصرِ الذكاء الاصطناعيّ، وذلك من خلال ثلاثة أقسام رئيسة تتناول كلاً من:
رحلة الاكتشاف البشري، وتأثيرات الذكاء الاصطناعيّ في السياسة والأمن والاقتصاد والعلوم، بالإضافة إلى استراتيجيات المستقبل.
- ويُشدّد المؤلّفون على إمكانات الذكاء الاصطناعيّ في التصدي للأزمات الكبرى، بدءًا بتغيُّر المناخ ووصولًا إلى التفاوت في الدَّخل، مع إبراز التحديات التي قد تهدد حرية الإرادة البشريَّة وقدرة الإنسان على اتخاذ القرارات.
- ويُقنع الكتاب، الذي يُمثل مزيجًا بارعًا من التاريخِ والتكنولوجيا والفلسفةِ، القارئَ بأننا لا نشهدُ ثورةً تكنولوجيةً فحسب، بل مرحلةً جديدةً في تطوُّرِ الروح البشريَّة.
الكرامة الإنسانية والشراكة مع الذكاء الاصطناعي
- يتجلى في صميم أبحاث الكتاب، مفهوم الكرامة الإنسانية الذي يرى المؤلفون أنه يجب أن يكون أساس العلاقة المتطورة بين البشرية والذكاء الاصطناعي.
- ويُعرّف المؤلفون الكرامة بأنها السمة الجوهرية التي تميز البشر عن الآلات، وهي صفة متأصلة في الكائنات البشرية الضعيفة التي تمارس حريتها في اختيار الخير على الشر.
- ويؤكد هذا الأساس الفلسفي على ضرورة تصميم أنظمة ذكاء اصطناعي تفهم القيم الإنسانية وتحترمها.
- يتساءل المؤلفون -بشكلٍ مثير للتفكير- عما إذا كان الذكاء الاصطناعي قد يُطور يومًا ما إحساسه الخاص بالكرامة أو الأخلاق، مما يدل على عمق الكتاب في استكشاف الأبعاد الأخلاقية للذكاء الاصطناعي.
التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية
- يقدم المؤلفون دراسة مُفصَّلة للتأثيرات التحويلية للذكاء الاصطناعي على الهياكل الاقتصادية والديناميكيات الاجتماعية.
- ويذهبون إلى القول بأن الذكاء الاصطناعي قادر على تقليل أوجه التفاوت وتحسين رفاه المجتمعات من خلال زيادة الإنتاجية، والتحول من نموذج الندرة إلى نموذج الوفرة. بيد أنهم يؤكدون أن هذا التحول يتطلب تكيفًا مؤسسيًا وتدخلات سياسية مُتعمَّدة.
- كما يُسلِّط الكتاب الضوء على التوتر القائم بين قدرة الرأسمالية على تحقيق التقدم التكنولوجي والتفاوتات التي غالبًا ما تُفاقِمها، وذلك باستخدام تحليل سام ألتمان للنمو والشمول.
- ويستلهم المؤلفون مبادئ داروين لتوضيح هذه التحديات من خلال مقارنة عملية "التطور المُشترك" بين الإنسان والذكاء الاصطناعي بأمثلة التكيف المتبادل في الطبيعة، ويؤكدون أن الطرفين كليهما لديهما القدرة على إحداث تحول في الآخر.
- ومن خلال وضع الذكاء الاصطناعي في سياق اجتماعي واقتصادي أوسع، يدعو الكتاب القراء إلى التفكير في كيفية استخدام التكنولوجيا لخدمة البشرية جمعاء.
- ومن بين المقترحات المبتكرة التي يقدمها الكتاب، برامج لإعادة توزيع الدخل، مثل فرض ضرائب على الثروة التي يُولِّدها الذكاء الاصطناعي، وإعادة توجيه هذه الضرائب إلى الدخل الأساسي الشامل أو الخدمات العامة، وآليات مثل الصناديق الدولية واتفاقيات التعاون لضمان الوصول العالمي إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي.
أخلاقيات الاكتشاف العلمي وطول العمر
- يُثير تناول الكتاب لإمكانات الذكاء الاصطناعي في مجالي الطب والعلوم تساؤلاتٍ عميقة.
- فبحسب المؤلفين، ينطوي الذكاء الاصطناعي على إمكانات هائلة لخدمة البشرية في تطوير الرعاية الصحية وفهم تعقيدات البيولوجيا البشرية.
- إلا أنه من الأهمية بمكان إدراك المعضلات الأخلاقية والاجتماعية التي تُثيرها هذه التطورات، لا سيما في مجالات حساسة مثل مجال إطالة عمر الإنسان.
- فمن خلال قصص شخصيات تاريخية وأسطورية، مثل سيزيف والإمبراطور تشين شي هوانغ، تتناول الدراسة أخلاقيات السعي لإطالة العمر وعواقبه، وتطرح تساؤلات حول ما إذا كان هذا المسعى يُقوِّض جوهرَ الإنسانية.
- تضع هذه التأملات الأسسَ لفهم التداعيات المتزايدة للذكاء الاصطناعي، سواء على المستوى التكنولوجي أو العلمي، وذلك في سياق فلسفي أوسع، وتُذكِّر القراء بأنَّ التقدُّم مفهوم ذاتي ومحل خلاف.
- كما تُلقي الدراسة نظرةً شاملةً على الحلول الممكنة للمشكلات الكبرى، مع التركيز على الدور المحتمل للذكاء الاصطناعي في معالجة قضايا ملحة كتغير المناخ.
التطور المشترك للبشرية مع الذكاء الاصطناعي
- "هل سنغدو أشبه بهم، أم سيغدون أشبه بنا؟" سؤالٌ مُلِحٌّ يستشرف العلاقة المصيرية بين البشر والذكاء الاصطناعي.
- يقترح الكُتَّاب نهجين رئيسيين للتعامل مع هذه العلاقة: أولًا، تمكين البشر من خلال تأقلمهم مع تقنيات الذكاء الاصطناعي وإعدادهم لهذا التفاعل؛ وثانيًا، إعطاء الأولوية للنهج الذي يتوافق مع الذكاء الاصطناعي والقيم الإنسانية.
- يثير كلا النهجين تحديات أخلاقية وفلسفية جوهرية قد تنذر بخطر تآكل الهوية الإنسانية في هذه العملية.
- يُقدِّم هذا الكتاب نفسه كدليل وتحذير، مُوجَّه للمفكرين والمهتمين بالتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والقادة، وكل من يُعنى بمسار مستقبلنا المشترك.
بداية جديدة: تبني الذكاء الاصطناعي بهدف وحكمة
- في الختام، يدعو هذا الكتاب إلى مقاربة تحديات وفرص الذكاء الاصطناعي بتفاؤلٍ مُبصِرٍ ورؤيةٍ واضحة المعالم.
- لا يرى المؤلفون صعود الذكاء الاصطناعي بمثابة نذيرٍ بفناءِ البشرية، بل بزوغ لفجرِ إمكانياتٍ لم يشهد لها التاريخ مثيلاً، ويحثون على إيجاد توازنٍ دقيق بين التفاؤل والحذر، بُغيةَ تسخير هذه الإمكانيات على النحو الأمثل.
- ويشددون على أن هذه المرحلة الجديدة تستلزم من البشرية إعادةَ صياغةِ منظومةِ قيمِها ومؤسساتِها وأولوياتِها، بما يتواءم مع مُعطياتِ عالمٍ يتشكَّلُ على نحوٍ متزايد بفعل الذكاء الاصطناعي، مع إيلاءِ الأهمية القصوى للتكيف المدروس والعمل المؤسسي الحاسم.
- تكمن قوة الكتاب الرئيسية في نهجه المتعدد التخصصات، الذي يجمع ببراعة بين وجهات النظر التاريخية والفلسفية والتكنولوجية لدراسة آثار الذكاء الاصطناعي.
- ومن خلال التركيز على الكرامة الإنسانية والوضوح الأخلاقي، يذكرنا المؤلفون بأن صعود الذكاء الاصطناعي ليس مجرد رحلة تكنولوجية بحتة، بل هو مسارٌ حاسمٌ تلعب فيه الروح والقيم الإنسانية دوراً محورياً.
- إننا بحاجة إلى إعطاء الأولوية للشعور بالمسؤولية الأخلاقية بدلاً من الاعتماد فقط على المنطق الآلي أو البشري.
- ومن ثمَّ، يُعد هذا الكتاب بمثابة دليلٍ وتنبيهٍ في آن واحد، موجَّهاً إلى المفكرين والمهتمين بالتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والقادة، وكل من يكترث لمسار مستقبلنا المشترك.
- يدعو الكتابُ القراء إلى التعامل مع "العصر الثالث من الاكتشاف" بتواضعٍ وبصيرةٍ نافذة، مدركين أن الخيارات التي نتخذها اليوم ستشكل حياة الأجيال القادمة.
المصدر: كلية لندن للاقتصاد
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة ارقام ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من ارقام ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
0 تعليق