نشر بوساطة لطفي فارحي في الشروق يوم 02 - 09 - 2024

في السنوات الأخيرة، شهد عالم كرة القدم تضخمًا هائلًا في التكاليف المرتبطة بشراء اللاعبين، رواتبهم، وإدارة الأندية بشكل عام. هذه الظاهرة تثير تساؤلات حول كيفية تحقيق المستثمرين للأرباح في هذا القطاع الذي يبدو أنه يستنزف الأموال بمعدلات فلكية. ومع ذلك، ورغم التكاليف الباهظة، يظل الاستثمار في الأندية الرياضية مربحًا للعديد من المستثمرين، مستفيدين من مجموعة من العوامل الاقتصادية التي تعزز من عوائدهم.
1. حقوق البث التلفزيوني: مصدر رئيسي للإيرادات
أصبحت حقوق البث التلفزيوني واحدة من أكبر مصادر الإيرادات للأندية الرياضية في العالم. على سبيل المثال، في الدوري الإنجليزي الممتاز، بلغت صفقة حقوق البث المحلي والدولي للفترة 2019-2022 حوالي 9.2 مليار جنيه إسترليني. توزع هذه الأموال بين الأندية، مما يجعل حقوق البث شريان الحياة للعديد من الفرق. في الواقع، تعتمد بعض الأندية بشكل كبير على هذه الإيرادات لتغطية جزء كبير من نفقاتها التشغيلية، بما في ذلك الرواتب الباهظة للاعبين.
2. الرعاية والإعلانات: علامة تجارية عالمية
تشكل عقود الرعاية والإعلانات مصدرًا هائلًا للإيرادات. على سبيل المثال، وقع نادي مانشستر يونايتد عقد رعاية مع شركة "TeamViewer" بقيمة 235 مليون جنيه إسترليني على مدى خمس سنوات، ليكون بذلك أحد أغلى عقود الرعاية في العالم. بالإضافة إلى ذلك، تجني الأندية أموالاً ضخمة من صفقات الملابس والمنتجات الرياضية. في عام 2021، بلغت إيرادات نادي ريال مدريد الإسباني خلال السنة المالية 2023/ 2024 1.07 مليار يورو بيع اللاعبين: نموذج الأعمال القائم على
3. الاستثمار البشري
رغم الإنفاق الهائل على التعاقد مع اللاعبين، يمكن للأندية تحقيق أرباح ضخمة من خلال بيع هؤلاء اللاعبين بعد تطويرهم أو عند تحقيقهم لنجاحات كبيرة. يعد هذا النموذج من الأعمال فعالاً للغاية في الأندية التي تركز على تطوير الشباب، مثل نادي بوروسيا دورتموند الألماني. في عام 2017، باع النادي اللاعب عثمان ديمبيلي لنادي برشلونة مقابل 105 ملايين يورو، بعد أن اشتراه من نادي رين الفرنسي بمبلغ 15 مليون يورو فقط.
4. عائدات المباريات والتذاكر: الجماهير مصدر دائم للإيرادات
بالإضافة إلى حقوق البث والرعاية، تظل عائدات المباريات والتذاكر جزءًا أساسيًا من إيرادات الأندية، خصوصًا للأندية ذات القاعدة الجماهيرية الكبيرة. في موسم 2018-2019، حقق نادي برشلونة إيرادات من التذاكر والمباريات بلغت 145 مليون يورو. ورغم تأثير جائحة كورونا على هذه الإيرادات، إلا أن عودتها تُعزز بشكل كبير من القوة المالية للأندية.
5. النجاح الرياضي: الفوز يجلب الأموال
النجاح الرياضي ليس مجرد هدف رياضي، بل هو أداة مالية قوية. الفوز بالبطولات المحلية والقارية يزيد من قيمة النادي، ويجذب المزيد من الرعاة والمعلنين، ويسهم في زيادة الإيرادات من مبيعات التذاكر والمنتجات. على سبيل المثال، فوز ريال مدريد بدوري أبطال أوروبا في موسم 2021-2022 جلب للنادي إيرادات تقدر ب 83 مليون يورو فقط من الجوائز المالية.
6. استثمارات طويلة الأجل: النظر إلى المستقبل
بعض المستثمرين يرون في الأندية الرياضية فرصة استثمارية طويلة الأجل. يتمثل هذا النموذج في رفع قيمة النادي على مدى السنوات من خلال تحسين الأداء الرياضي وزيادة الإيرادات، ثم بيع النادي بأرباح كبيرة. على سبيل المثال، استحوذ رجل الأعمال الروسي رومان أبراموفيتش على نادي تشيلسي في عام 2003 مقابل 140 مليون جنيه إسترليني، وقام ببيعه في عام 2022 مقابل 4.25 مليار جنيه إسترليني، محققًا أرباحًا ضخمة.
7. الشركات القابضة والتحالفات: تنويع المخاطر وزيادة الأرباح
اتجاه آخر يُظهر كيفية تحقيق الأرباح هو النموذج الذي يتبعه شركات القابضة وتحالفات المستثمرين، مثل "City Football Group" التي تمتلك نادي مانشستر سيتي وأندية أخرى حول العالم. من خلال تنويع استثماراتها في أندية متعددة عبر قارات مختلفة، تستطيع هذه المجموعة تحقيق عوائد أكبر وتقليل المخاطر المرتبطة بالأداء الفردي لكل نادٍ.
على الرغم من التكاليف الباهظة التي قد تبدو لأول وهلة غير قابلة للاستدامة، إلا أن المستثمرين في الأندية الرياضية يستطيعون تحقيق أرباح هائلة من خلال تنويع مصادر الإيرادات واستغلال القيمة التجارية الهائلة للعلامات التجارية الرياضية. تبقى كرة القدم صناعة عالمية مزدهرة، تجمع بين الشغف الرياضي والإمكانات المالية الضخمة، مما يجعلها مجالاً استثماريًا مغريًا للكثير من المستثمرين حول العالم.
الأخبار

.