نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
هبوط غير مسبوق لنشاط المصحات بعد إقرار القانون الجديد للشيكات - اخبارك الان, اليوم الاثنين 17 فبراير 2025 01:35 مساءً
نشر في الشروق يوم 17 - 02 - 2025
قرابة 3.1% فقط من إجمالي 3.2 ملايين شخص من المعنيين بالتسجيل في منصة "تونيشاك"، قاموا بفتح حسابات على المنصة منذ 2 فيفري 2025 وهو ما يعتبر دليلا على أن المواطنين لم يعودوا في حاجة إلى الصك في صيغته الجديدة. ويأتي ذلك وسط كشف المعطيات الإحصائية تراجع نسبة المعاملات بالصك تراجعت ب 83% في ظرف أسبوعين ذلك انه من إجمالي 640 ألف شيك تم التعامل ب 50 ألف شيك فقط. ويكمن الحل أساسا في ظل هذه الوضعية لكي تنشط حركة استعمال الشيك في صيغته الجديدة، في إلغاء السقف المحدّد لكل شيك مع التنصيص على تاريخ السحب.
باعتبار هذه المؤشرات، يخشى المتعاملون في القطاع الصحي الخاص في البلاد، تراجع عائدات القطاع واستثماراته بعد دخول القانون الجديد للشيك البنكي حيز التنفيذ، والذي يقضي بأن تكون عمليات الدفع فورية وليست مؤجلة كما كان معمولاً به، والذي لطالما اعتمد عليه المواطنون في مسارات علاجهم في القطاع الخاص في السابق.
وكان الشيك البنكي مؤجل الدفع واحداً من أبرز وسائل الدفع التي يعتمد عليها التونسيون في سداد فواتير العلاج في القطاع الخاص، حيث تقبل أغلب مصحات البلاد تقسيط الفواتير أو تأجيل دفعها إلى حين تسوية المريض أمور السداد مع شركات التأمين أو صندوق التأمين على المرض. وعادة ما تساعد تسهيلات الدفع التي تمنحها المصحات للمواطنين على الإقبال على العلاج في القطاع الخاص وتجنب الانتظار الطويل لمواعيد الكشف أو التدخلات الجراحية في المستشفيات العمومية، غير أن توقيف اعتماد الشيك كوسيلة دفع مؤجلة يضع القطاع الصحي الخاص في وضع ترقب في انتظار البحث عن بدائل خلاص مؤجلة. يقول رئيس الغرفة الوطنية للمصحات الخاصة، بوبكر زخامة، إن القطاع الصحي الخاص يخشى انتكاسة بسبب تراجع متوقع لحجم نشاطه مع توقيف استعمال الشيك كأداة دفع مؤجلة، التي تمثل أحد التسهيلات المالية التي كانت تعتمد من قبل المصحات لتقسيط دفع تكاليف العلاج بالنسبة لطيف واسع من التونسيين.
ويؤكد زخامة، أن المصحات الخاصة لطالما كانت تقدم تسهيلات للمرضى المتعاملين معها من أجل مساعدتهم على سداد تكاليف العلاج، والإقامة بالمصحات الخاصة عبر وسائل الدفع المؤجلة، ومن أبرزها الشيكات البنكية، مشيراً إلى أن حالة ارتباك تامة تسود القطاع منذ دخول قانون الشيك الجديد حيز النفاذ. وفي الثاني من فيفري الحالي أوقف الجهاز البنكي التعامل بالصيغة القديمة للشيك بشكل نهائي، مع إصدار نسخة جديدة للشيك تستعمل وسيلة خلاص فورية عملاً بمقتضيات قانون أصدره مجلس نواب الشعب في جويلية 2024. ويرى رئيس الغرفة الوطنية للمصحات الخاصة أن تيسير طرق دفع تكاليف العلاج في المصحات كان يسهّل نفاذ المواطنين لحق الصحة ويعزز الرعاية الصحية بشكل عام، فضلاً عن المساهمة الكبيرة للقطاع الصحي الخاص في الدورة الاقتصادية وخلق مواطن الشغل وتصدير الخدمات إلى خارج البلاد.
وخلال العقدين الأخيرين ساعد ارتفاع عدد المقبلين على القطاع الطبي الخاص على ضخ استثمارات مهمة في القطاع الذي بات يستأثر بنحو 20% من النشاط الصحي في البلاد، وتعتبر الاستثمارات الصحية من أفضل القطاعات الناشطة، والتي تنمو بنسق سريع وتخلق العديد من الاستثمارات، كذلك يلعب القطاع الخاص دوراً فاعلاً في استقطاب العديد من المرضى الأجانب للعلاج، ما ساهم في تعزيز إيرادات النقد الأجنبي للدولة وخلق فرص العمل.
ولا تكشف البيانات الرسمية عن حجم الاستثمارات في القطاع الصحي الخاص، غير أن السنوات التي تلت الثورة في عام 2011 شهدت طفرة في بناء المستشفيات الخاصة ذات طاقة الاستيعاب العالية. وشهد عدد المصحّات الخاصّة في البلاد تطوراً كبيراً خلال السنوات الأخيرة، حيث ارتفع من 83 مصحّة سنة 2013 إلى 114 مصحّة في 2022، وفق بيانات رسمية للمعهد الوطني للإحصاء، بينما ارتفع عدد الأسرّة في المصحّات الخاصة من 4092 سريراً في 2014 إلى 7334 سريراً في 2022.
ويشير رئيس غرفة المصحات بوبكر زخامة إلى أن ما يزيد عن 2.5 مليون مواطن حصلوا على خدمات صحية في القطاع الخاص عام 2024، متوقعاً تراجع هذا الرقم بسبب انحسار إمكانيات النفاذ للعلاج عبر آليات تقسيط الدفع. كما يشدد على أن تراجع النشاط سيقابله هبوط في أداء القطاع على مستوى الطاقة التشغيلية ونقص في الضرائب التي تحصّلها الدولة. في المقابل، يبدو جليا أن إصلاح قانون الشيكات ولئن كان ضرورة قصوى، لرد الاعتبار للشيك كوسيلة للخلاص الحيني وليس الخلاص المؤجّل، غير أن هذا الإصلاح يستوجب تقديم حلول بديلة عاجلة لتجنب الركود الاقتصادي. وتشير معطيات الى التداعيات السلبية للاستعمال المكثف للنقد وتزايد الكتلة النقدية، وهو ما يزيد من توسع السوق الموازية ويحبط كل المسار السابق لاحتوائها.
ويعد استعمال الشيك وسيلة دفع مؤجلة تقليداً متجذراً في البيئة الاقتصادية في البلاد، حيث قدر عضو لجنة المالية في البرلمان عصام شوشان، حجم المعاملات التجارية التي تسيّر عبر هذه الطريقة بنحو 30% من المعاملات التي تنفذ على السوق التونسية.
.
0 تعليق