شهد مؤتمر الاستثمار في ميامي، الذي نظمه صندوق الاستثمارات العامة السعودي، حضورًا بارزًا لعدد من كبار المستثمرين العالميين ومسؤولي الشركات المالية الرائدة مثل بلاك روك وسيتاديل. وجاءت هذه القمة الاستراتيجية لتسلط الضوء على التطور السريع للعلاقات الاقتصادية بين السعودية والولايات المتحدة، والتي دخلت مرحلة الشراكة العميقة والاستثمارات المباشرة بدلًا من مجرد الدعم المالي التقليدي.

حضور مفاجئ لترامب يعزز الشراكة

شكلت مشاركة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في المؤتمر نقطة تحول بارزة، حيث لم يتم الإعلان عن حضوره إلا قبل أيام قليلة من الحدث، مما زاد من اهتمام المستثمرين ورفع من مستوى المناقشات. وجاءت كلمته عقب اجتماعات رفيعة المستوى في الرياض جمعت بين مبعوثين أمريكيين ووزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف لبحث الأزمة الأوكرانية، في خطوة أثارت توترات مع الحلفاء الأوروبيين، لكنها أكدت متانة العلاقات بين واشنطن والرياض.

استراتيجية جديدة: السعودية تفرض قواعد جديدة للعبة

لم تعد المملكة تقتصر على دور المستثمر الممول للشركات الأمريكية، بل باتت تطالب بحضور استراتيجي للشركات الأمريكية داخل أراضيها. ويؤكد ذلك تخصيص 600 مليار دولار لضخها في السوق الأمريكي خلال السنوات الأربع المقبلة، مع تركيز الاستثمارات على الذكاء الاصطناعي، المدن المستقبلية، الرعاية الصحية، الرياضة، والتصنيع المتقدم.

وأشار أحد كبار المسؤولين التنفيذيين في وول ستريت إلى التغييرات الجذرية التي فرضتها السعودية على طريقة التعامل مع المستثمرين الأمريكيين، حيث قال: "لم يعد بإمكان الشركات القدوم إلى الرياض فقط لجمع الأموال ثم المغادرة، بل يجب أن يكون لها تواجد فعلي على الأرض".

رواد المال يتنافسون لدخول السوق السعودي

شهد المؤتمر حضور شخصيات مالية بارزة مثل ليونارد بلافاتنيك، السير مارتن سوريل، ومارسيلو كلور، الذين حرصوا على الاستماع لترامب والتواصل مع المسؤولين السعوديين. حتى أن إيلون ماسك استغل الحدث لتعزيز علاقاته واستكشاف الفرص الاستثمارية.

في هذا السياق، وصف روبرت كابيتو، رئيس شركة بلاك روك، المشهد الاستثماري في المملكة بأنه "أعظم فرصة مهنية في حياته"، بينما قال روبرت سميث من فيستا إكويتي بارتنرز: "نحن هنا جميعًا للقفز إلى الأمام مع المملكة".

التحالفات المالية: ترامب والمملكة العربية السعودية

لم تكن مشاركة ترامب في المؤتمر مجرد ظهور سياسي، بل تأتي في سياق العلاقات المالية المتنامية بينه وبين السعودية. فقد استثمر صندوق الاستثمارات العامة السعودي ملياري دولار في شركة أفينيتي بارتنرز، التي أسسها جاريد كوشنر، صهر ترامب. كما استضافت بطولة LIV للجولف، المدعومة سعوديًا، عدة فعاليات في ملاعب مملوكة لعائلة ترامب، مما عزز الروابط المالية بين الطرفين.

خطاب ترامب المثير وردود الفعل المتباينة

لم يخلُ ظهور ترامب في المؤتمر من الجدل، حيث جدد انتقاداته للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، واصفًا إياه بـ**"الدكتاتور"**، مما أثار تحفظات بين الحلفاء الغربيين. ومع ذلك، رحب المستثمرون ورجال الأعمال بخطابه، حيث انعكس ذلك على زيادة الإقبال على الشراكة مع السعودية، في ظل إدراك الشركات لحجم الفرص الاستثمارية الضخمة التي توفرها المملكة.