أوروبا وحلف شمال الأطلسي يواجهان أزمة وجودية - اخبارك الان

0 تعليق ارسل طباعة

تواجه أوروبا وحلف شمال الأطلسي «الناتو» أزمة وجودية، في الوقت الذي تتوجه إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لهدم العلاقات عبر الأطلسي، ما يضطر الحلفاء التاريخيين إلى طرح تساؤلات صعبة حول قدراتهم الدفاعية، ويعتقد البيت الأبيض أن أوروبا يجب ألا تعتمد دائماً على واشنطن لتكون ظهيراً لها، وفي الوقت نفسه تتحرك إدارة ترامب لتحسين علاقاتها مع موسكو، وتُوجِد لروسيا المبررات في حربها على أوكرانيا.

تتشكل الآن مخاوف متزايدة في سماء أوروبا، تتمثل في أن ترامب قد يتحرك لسحب القوات الأميركية من دول في جميع أنحاء القارة، وهو الاحتمال الذي أشار إليه وزير الدفاع الأميركي، بيت هيجسيث، في وارسو، الجمعة الماضية، عندما قال: «لا يمكننا أن نفترض أن الوجود الأميركي سيستمر إلى الأبد».

ويأتي كل هذا في أعقاب شكوك جدية في التزام إدارة ترامب بالمادة الخامسة من ميثاق الحلف، والتأهب للدفاع عن أعضاء «الناتو» في حالة وقوع هجوم.

وكان مستشار الأمن القومي الأميركي، مايك والتز، قال للصحافيين في البيت الأبيض أخيراً: «نحن نتعهد تماماً بالتزام بالمادة الخامسة، لكن حان الوقت لحلفائنا الأوروبيين لتكثيف جهودهم».

فكرة الانسحاب

وطرح ترامب فكرة انسحاب الولايات المتحدة من «الناتو» خلال ولايته الأولى، وهو الاقتراح الذي لايزال يشكل مصدر قلق لأوروبا إلى اليوم، على الرغم من التساؤلات حول ما إذا كان بإمكانه القيام بذلك قانوناً من دون إشراك الكونغرس، وقالت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، السبت الماضي: «هذه لحظة وجودية، يجب على أوروبا أن تقف عندها وتفكر فيها ملياً».

والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل أوروبا قادرة على القيام بهذه المهمة وحدها؟ هل تستطيع أوروبا أن تصمد أمام أي هجوم عليها؟ يتمركز نحو 100 ألف جندي أميركي في جميع أنحاء أوروبا، مع الجزء الأكبر منهم في ألمانيا، وفقاً لإحصاءات وزارة الدفاع الأميركية.

ويعد هذا بمثابة رادع كبير لروسيا، لذلك إذا سحبت الولايات المتحدة هذه القوات فجأة، فيعتقد الخبراء أن أوروبا ستكافح للدفاع عن نفسها في حالة وقوع أي هجوم.

تحذير

وقال نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي للسياسة الأوروبية و«الناتو» من عام 2009 إلى عام 2018، جيم تاونسند: «سيكون الأوروبيون وحدهم بالفعل عندما تغادر القوات الأميركية أوروبا هم فقط ولا أحد غيرهم»، مضيفاً: «أستطيع أن أقول الآن إنهم لا يملكون الزخم، ولا العمق، ولا الموارد الكافية للقيام بكل الأمور التي تقوم بها القوات الأميركية هناك حالياً».

وأعرب تاونسند عن اعتقاده بأن أوروبا «تنظر الآن إلى الهاوية التي أمامها»، محذراً من أن «الحلفاء الأوروبيين ليسوا في وضع جيد للغاية لتولي المهام التي تؤديها القوات الأميركية في أوروبا، وتابع تاونسند، الذي يعمل الآن زميلاً مساعداً في برنامج الأمن عبر الأطلسي التابع لمركز الأمن الأميركي الجديد: «إذا فهمت أوروبا هذه الرسالة قبل 10 سنوات، وفعلت ما تحتاج إليه لتشكيل أعداد كافية من القوات وتوفير المعدات، فستكون قادرة على مواجهة الروس»، مشيراً إلى أن «الروس ليسوا أقوياء بما فيه الكفاية، لكنهم أصبحوا أكثر خبرة في المعارك وأكثر حداثة في السنوات الأخيرة».

ومع ذلك لفت البعض، بمن فيهم الأوروبيون أنفسهم، إلى أن الضغط من جانب الولايات المتحدة على الحلفاء لإنفاق المزيد على الدفاع ليس جديداً، وهم يتساءلون عن سبب بطء القادة الأوروبيين في فهم الرسالة والتصرف.

إنفاق جديد

سأل موقع «سيتريب» الأمين العام لـ«الناتو»، مارك روته، الأسبوع الماضي، عمّا إذا كان يهتم فعلاً بوضع جدول زمني لأعضاء «الناتو» لتحقيق هدف إنفاق جديد بنسبة 3% من الناتج المحلي الإجمالي، وكان جواب روته أنه يأمل أن تتم صياغة مثل هذه التفاصيل بحلول قمة الحلف في يونيو. 

وقال: «لا يمكننا أن نكرر ما حدث في عام 2014 (وهي آخر مرة حدد فيها الحلف هدفاً للإنفاق)، حيث حددنا 2%، لكن لم يحدث شيء إلى أن تولى ترامب الرئاسة، ثم فجأة رأينا الأوروبيين والكنديين ينفقون أكثر»، وذكر أحد وزراء خارجية أوروبا الشرقية السابقين لصحيفة «بوليتيكو»: «لقد كان لدينا سنوات وسنوات لتعزيز عزيمتنا العسكرية والاستعداد لعصر جديد مع الولايات المتحدة، لكننا أهدرنا جميع الفرص».

ميزانية متواضعة

إذاً ما الذي يتعين على أوروبا فعله؟ لدى الحلف ميزانية مباشرة متواضعة نسبياً تبلغ نحو 4.8 مليارات دولار يسهم جميع الأعضاء في تمويلها، حيث تتصدر الولايات المتحدة وألمانيا المجموعة، من خلال المساهمة بنحو 16% من الميزانية السنوية للحلف لكل منهما، لكن الإنفاق الفردي لكل دولة يعد أكثر أهمية من حيث القوة الإجمالية للتحالف.

ويحث ترامب الحلفاء على إنفاق 5% من ناتجهم المحلي الإجمالي لميزانية الدفاع، وهذه النسبة أعلى بكثير من الهدف السابق للحلف، المتمثل في 2% من الناتج المحلي الإجمالي لكل عضو بحلول عام 2024، وتنفق الولايات المتحدة نحو 3.4% من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع، لكن هذه النسبة تمثل أكثر من 50% من الناتج المحلي الإجمالي للحلف بشكل عام، وفي العام الماضي حقق 23 من أصل 32 عضواً في الحلف هدف 2%، كما حدد الحلف هدفاً للأعضاء لإنفاق 20% من مخصصات الدفاع على المعدات العسكرية الجديدة الرئيسة، وهو معيار لا يلتزم به سوى حليفين كندا وبلجيكا.

مزيد من المسؤولية

العديد من الدول الأوروبية على استعداد لتحمل المزيد من المسؤولية للدفاع عن القارة، وقال وزير الخارجية الإستوني، مارجوس تساهكنا، لموقع «سيتريب» خلال مؤتمر ميونيخ للأمن: «لم يعد لدينا رفاهية الجلوس في المقعد الخلفي والتفكير في أن شخصاً ما يقود السيارة، ينبغي أن نقود نحن السيارة»، مضيفاً أن دول الحلف التي تحقق هدف ترامب البالغ 5% تضع في اعتبارها (مدى فهمنا الواقعي للتهديد الروسي).

لكن تساهكنا يعتقد أن إستونيا ودول البلطيق الأخرى من المرجح أن تصل إلى هذا المستوى من الإنفاق في السنوات المقبلة، وقال رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، أول من أمس، إن أوروبا تواجه «تحدياً جيلياً» من منظور أمني، وحث القارة بأكملها على إنفاق المزيد على الدفاع، لكن المحللين يحذرون من أن زيادة الإنفاق وحدها قد لا تكون كافية لحل المشكلة، حيث يتطلب الموقف من الحلفاء الأوروبيون أن يكونوا استراتيجيين بشأن كيف وأين ينفقون هذه الأموال. عن «الفورين بوليسي»


تقييم «سريع»

قال نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي للسياسة الأوروبية و«الناتو» من عام 2009 إلى عام 2018، جيم تاونسند: «من الجيد أن تعترف أوروبا بالحاجة إلى إنفاق المزيد على الدفاع، لكن من نواحٍ كثيرة فات الأوان، وحلفاء الولايات المتحدة كانوا يعملون تحت تفكير متفائل، وأخّروا إجراء التغييرات فترة طويلة».

وأضاف أن «حلف شمال الأطلسي وضع خطط دفاع إقليمية قوية، لكن إلى جانب ذلك تحتاج أوروبا إلى تقييم (سريع) للثغرات لمواجهة روسيا إذا انسحبت الولايات المتحدة، ثم تحدد البلدان التي يمكنها أن تملأ الفراغ»، وتابع تاونسند: «ما فعله دونالد ترامب (الرئيس الأميركي)، بصراحة، هو أنه سحب الضمادة، وهو ما كان مؤلماً للغاية»، مشيراً إلى أن ترامب كشف الغطاء عما «كان عنه الأوروبيون ساهين».

. البيت الأبيض يعتقد أن أوروبا يجب ألا تعتمد على واشنطن لتكون سنداً لها، بينما تتحرك إدارة ترامب لتحسين علاقاتها مع موسكو.

. الحلفاء الأوروبيون لا يملكون الزخم، ولا العمق، ولا الموارد الكافية لتنفيذ كل الأمور التي تقوم بها القوات الأميركية في أوروبا.               

تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news

Share
فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق