مع الشروق .. الأمن الغذائي .. وتشجيع زراعة الحُبوب - اخبارك الان

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مع الشروق .. الأمن الغذائي .. وتشجيع زراعة الحُبوب - اخبارك الان, اليوم الخميس 19 سبتمبر 2024 11:56 مساءً

مع الشروق .. الأمن الغذائي .. وتشجيع زراعة الحُبوب

نشر في الشروق يوم 19 - 09 - 2024

2326591
رغم أن الميزان التجاري الغذائي لتونس سجل إلى حدود نهاية أوت 2024 فائضا بقيمة 1.6 مليار دينار مقابل عجز بقيمة 0.5 مليار دينار خلال الفترة نفسها من سنة 2023، وذلك نتيجة تطوّر الصادرات وتراجع الواردات، إلا أن ذلك لا يجب أن يحجب "معضلة" تواصل ارتفاع واردات البلاد من الحبوب. فقد مثلت حصة توريد الحبوب المتكونة أساسا من القمح الصلب والقمح اللين والشعير والذّرة خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي حوالي نصف إجمالي الواردات الغذائية (48.8 ٪) التي تتكون أيضا من الزيوت النباتية والسكر واللحوم وغيرها..
ورغم تطور محاصيل الحبوب خلال الموسم المنقضي، ورغم انخفاض الكميات المستوردة من المواد الأربع المذكورة بنسب متفاوتة، ورغم أن أسعارها انخفضت في السوق العالمية بنسب مهمة إلا أن قيمة واردات البلاد من الحبوب ناهزت 2.2 مليار دينار من جانفي إلى أوت 2024.. وهو مبلغ مرتفع وفق المختصين، ويتم بالعملة الصعبة، وبالإمكان التقليص فيه لو يتطوّر الإنتاج الوطني من الحبوب أكثر فأكثر وتضع الدولة خطة متكاملة، عبر عدة آليات، لتشجيع الفلاحين على تكثيف زراعات الحبوب والأعلاف باعتبار أن الأمر يتعلق بالأمن الغذائي الذي يمثل أبرز ركيزة للأمن القومي.
وتوجد اليوم في تونس كل مقومات تطوير الإنتاج الوطني من الحبوب بمختلف أنواعها من قمح صلب (الضروري لاستخراج مادة السميد) والقمح اللين (لاستخراج مادة الفرينة اللازمة لانتاج الخبز) والشعير والذرة وغيرها من الأعلاف الحيوانية الضرورية لتوازن واستقرار منظومات اللحوم والحليب والدواجن والأسماك.. فبلادنا لها تقاليد عريقة على مرّ التاريخ في زراعة وتجميع الحبوب والمزارعون لهم الخبرة والدراية اللازمة في هذا المجال، والأراضي الشاسعة والخصبة، خاصة المهملة والتابعة لملك الدولة، قادرة على توفير إنتاج وفير من الحبوب والأعلاف بأنواعها، فضلا عن توفر ثروة الفسفاط الضرورية لاستخراج الأسمدة. غير أن إنتاج الحبوب والأعلاف ظل، على مر السنين، دون المأمول ولا يغطي الحاجيات.
وكل ذلك يطرح أكثر من سؤال حول عدم نجاح الدولة إلى حدّ الآن في مزيد النهوض بقطاع إنتاج الحبوب والأعلاف الذي أصبحت أغلب الدول توليه اليوم العناية اللازمة باعتبار أهميته في تحقيق السيادة الغذائية. فتوريد الحبوب والأعلاف أصبح اليوم مكلفا للغاية في السوق العالمية ويتم بالعملة الصعبة وبلادنا في حاجة اليوم إلى المحافظة على احتياطي النقد الأجنبي لتوريد حاجيات أخرى لا تقل أهمية عن الغذاء وفي مقدمتها توريد المواد الأولية اللازمة للقطاع الصناعي وتوريد الطاقة وغيرها من الواردات الأخرى التي أصبح لا غنى عنها في العصر الحديث.
من غير المعقول أن بلادنا تتوفر بها ثروة هائلة من مادة الفسفاط الضرورية لإنتاج أغلب الأسمدة في حين أن الفلاح يتكبد نفقات باهظة للحصول على هذه المادة ويعاني أحيانا من نقصها في السوق في بداية كل موسم.. ومن غير الطبيعي أن أسعار المبيدات الفلاحية أصبحت لا تطاق في ظل سيطرة بعض الأطراف على توريدها واحتكار بيعها بأسعار جنونية شأنها شأن التجهيزات والآليات الفلاحية.. ومن غير المنطقي أيضا أن الدولة لا تدعم تكاليف الوقود للقطاع الفلاحي رغم أهمية ذلك في تشجيع الفلاح على تكثيف زراعة الحبوب. كما أن أسعار بيع الحبوب لفائدة الدولة مازالت متواضعة ولا تغطّي تكاليف الإنتاج وهو ما يستدعي التفكير في الزيادة فيها لمزيد تشجيع المزارعين.
وقد آن الأوان اليوم لأن تفكر الدولة أكثر فأكثر في كيفية مزيد دعم الإنتاج الوطني من الحبوب وذلك خاصة من خلال الضغط على تكاليف الإنتاج ودعم الفلاح لتشجيعه أكثر على تخصيص مساحات أكبر للحبوب حتى لا يولّي وجهته نحو أصناف أخرى من النشاط الفلاحي قد تكون عائداتها أرفع من عائدات الحبوب.. فالأفضل بالنسبة للدولة أن تدعم الفلاح والمنتوج المحلي بدل إنفاق مبالغ كبرى بالعملة الصعبة للتوريد من الخارج، وهذا فضلا عما تتمتع به المنتجات الوطنية من الحبوب من جودة وسلامة صحية مقارنة بالنوعية التي يقع توريدها..
فاضل الطياشي

.




إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق