على هامش جلسة الانتخاب... "مشهدية" تستحقّ التأمّل والتفكير! - اخبارك الان

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
على هامش جلسة الانتخاب... "مشهدية" تستحقّ التأمّل والتفكير! - اخبارك الان, اليوم الخميس 9 يناير 2025 02:07 صباحاً

في زمنٍ مضى، أيام الوصاية السورية، أو ربما ال احتلال كما يفضّل كثيرون وصفه، كانت مشهديّة جلسات الانتخاب الرئاسية ثابتة، إذ كان دور النواب "البصم" على "كلمة السرّ" التي كانت تصلهم من السوريين، لتتحوّل معها جلسات مجلس النواب إلى "فولكلورية"، لا دور لها خارج ترجمة القرار الذي كان يُتّخَذ خارج الحدود، ولو أنّ هناك من يعتبر أنّ "إيجابيات" ذلك كانت عدم الوقوع في الفراغ، الذي بات سمة ثابتة بعد خروج سوريا من لبنان.

ظنّ كثيرون أنّ هذه المشهديّة لن تُستعاد، ليس فقط بعد انسحاب السوريين من لبنان عقب "ثورة الأرز" في العام 2005، ولكن بعد التطورات الدراماتيكية الأخيرة التي شهدتها سوريا، وسقوط النظام فيها، إلا أنّ ما شهدته العاصمة اللبنانية بيروت في الأيام القليلة الماضية، أعاد شيئًا من هذه المشهدية، رغم الفوارق الشاسعة، وأثار علامات الاستفهام من جديد حول "ديمقراطية" عملية الانتخاب، وكلمة السر، أو ربما كلمات السر، المحيطة بالاستحقاق.

ففي أيام قليلة فقط، حطّ في لبنان العديد من الموفدين الدوليين، بدءًا من الموفد القطري "شبه المقيم"، إلى الموفد السعودي الذي أتى ليكسر قطيعة طويلة أعلنتها الرياض مع لبنان، مرورًا بالموفد الأميركي الذي وسّع اهتماماته من اتفاق وقف إطلاق النار، إلى انتخابات رئاسة الجمهورية التي بدت جزءًا من هذا الاتفاق، وصولاً إلى الموفد الفرنسي الذي قرّر عدم تفويت الفرصة، بعدما جال في لبنان مرارًا على مدى السنتين الماضيتين.

عقد هؤلاء الموفدون، بالمفرّق، لقاءات بالجملة مع القوى السياسية، والكتل النيابية، بدوا فيها يحملون "كلمة سرّ" موحّدة، لجهة اسم المرشح الرئاسي المدعوم من المجتمع الدوليّ، ولو أنّهم تجنّبوا في البداية التسمية، فكيف تُفهَم هذه "المشهدية" بصورة عامة؟ هل هي محاولة ضغط على اللبنانيين لإنجاز الاستحقاق الذي تأخّر كثيرًا عن أوانه، أم أنها تشكّل تدخّلاً في شؤونهم؟ ومن يتحمّل عمليًا مسؤولية هذه "المشهدية"؟!.

لقراءة المشهد، لا بدّ من العودة إلى "جذور" الأزمة الرئاسية، التي بدأت في تشرين الأول 2022 مع انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون، من دون انتخاب "خلف" له، وهو ما دفع الأسرة الدولية إلى التحرّك، فكانت "اللجنة الخماسية" التي شُكّلت من "أصدقاء لبنان"، وتحديدًا فرنسا والولايات المتحدة والسعودية وقطر ومصر، والتي حرصت على امتداد أشهر طويلة من الوساطات، على التأكيد أنّ دورها ليس انتخاب الرئيس نيابةً عن اللبنانيين.

من باب "حثّ" اللبنانيين على إنجاز الاستحقاق الرئاسي، تحرّكت "الخماسية" مرارًا وتكرارًا، وأطلقت العديد من المبادرات، كما فعلت حين أرسلت الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت، في محاولة لإطلاق دينامية حواريّة أو تشاورية بين اللبنانيين، ولو أنّه لم ينجح في ذلك بالمُطلَق، وتبنّت في حالات أخرى مبادرات داخلية شعرت أنّ لديها فرصة للوصول إلى هامش معيّن، كما حصل مع مبادرة كتلة "الاعتدال" مثلاً.

بين الفينة والأخرى، كان ممثلو "الخماسية" يعقدون اجتماعات في بعض العواصم، من باريس إلى الدوحة مرورًا بالرياض، وتصدر عنهم بيانات عامة وفضفاضة تتحدّث عن مواصفات الرئيس العتيد، من دون أن تغوص في الأسماء، فيما كان سفراؤها يجرون الجولات بين الكتل النيابية، لكنّها جولات لم تخرج في الغالب الأعمّ عن إطار "الاستطلاع"، أو "جسّ النبض"، من دون أن تفضي إلى أيّ "خرق" حقيقي على خطّ الأزمة.

ولعل المرة الوحيدة التي خرجت فيها أطراف "الخماسية" عن الضوابط التي رسمتها لنفسها، قبل الأيام الأخيرة، كانت حين لوّحت بفرض "عقوبات" على معطّلي الاستحقاق الرئاسي، وقد سُرّبت يومها بعض الأسماء التي قد تكون عرضة للعقوبات، ومنها رئيس مجلس النواب، إذا لم يدعُ إلى جلسات انتخابية، إلا أنّ التلويح بقي تلويحًا، ولم يترجَم على أرض الواقع، بل إنّ دول "الخماسية" حافظت على علاقة متينة مع بري تحديدًا.

على امتداد كلّ هذه الأشهر التي تحرّكت فيها "الخماسية" من دون أن تنجح في إحداث "خرق" حقيقي، كان العنوان الذي انطلقت منه هو أنّ دورها "مساعد" للبنانيين في انتخاب الرئيس، لكن ليس أكثر من ذلك، بمعنى أنّ الخارج ليس معنيًّا بانتخاب الرئيس نيابة عن اللبنانيين، ولا بتحديد هوية هذا الرئيس، بدليل أنّها كانت ترفض على الدوام الغوص في الأسماء، ولو أنّ الحديث في الكواليس دار عن أسماء محدّدة، تفاوتت أحيانًا بين أطراف "الخماسية".

إلا أنّ المشهدية التي تمّ تظهيرها في الأيام الأخيرة، لم تعكس فعليًا هذا التوجّه، فاللقاءات التي عقدها الموفدون الدوليون الذين حطّوا دفعة واحدة في بيروت، أوحت بأنّهم حملوا اسمًا محدّدًا للرئاسة، ومارسوا ضغطًا جدّيًا على النواب للتصويت لصالحه، حتى إنّ بعض التسريبات تحدّثت عن تلويح بعض الموفدين بـ"عواقب" قد تنتج عن التصويت لغيره، على مستوى المساعدات والإصلاحات، وربما اتفاق وقف إطلاق النار أيضًا وأيضًا.

لا شكّ أنّ "مشهدية" الموفدين الدوليين يجولون بين القوى السياسية، من شأنها إثارة الجدل في الداخل اللبناني، ولا سيما أنّ كثيرين قرأوا فيها "وصاية مقنّعة"، إلا أنّ الوقائع والمعطيات تجزم أنّ اللبنانيين هم من "استدرجوا" مثل هذه المشهدية، فهم الذين شرّعوا أبواب استحقاق داخلي أمام التدخلات، بعد عجزهم عن إنجازه داخليًا، وصولاً لحدّ رفضهم التحاور فيما بينهم، رغم كلّ الأزمات الكبرى التي مرّت على البلد.

خير دليلٍ على ذلك السجالات التي استمرّت قبل ساعاتٍ فقط من موعد الاستحقاق الرئاسي، خصوصًا بين "حزب الله" و"القوات اللبنانية" مثلاً، وصولاً إلى البيان الذي أصدره رئيس حزب "القوات" سمير جعجع، والذي انطوى على "تحدّ" لفريق "الممانعة" و"التيار الوطني الحر"، وكلّ ذلك في وقتٍ كان يفترض بالقوى السياسية أن تسعى للتوافق والتفاهم من أجل إنجاز الاستحقاق، لا أن تعقّد الأمر أكثر، بنقاشات لا طائل منها.

في النتيجة، ثمّة من يرى في الاستنفار الدولي "نعمة"، باعتبارها دليلاً على اهتمام المجتمع الدوليّ بلبنان، خلافًا لكلّ ما يُحكى عن أنّه بات مهمَّشًا، وثمّة من يراه "نقمة"، باعتباره يكرّس "وصاية" جديدة على لبنان، بصورة أو بأخرى. وفي الحالتين، قد لا يشكّل سوى دليل "إدانة" للنواب اللبنانيين، الذين أكدوا المؤكد مرة أخرى، وأثبتوا أنهم لا يستطيعون أن ينجزوا شيئًا، من دون تدخّل الخارج، وهنا بيت القصيد!.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق