عاد ملف إصلاح أنظمة التقاعد بالمغرب إلى واجهة النقاش العمومي، مع تزايد التحذيرات من الأزمات المالية التي تهدد استدامة هذه الأنظمة على المدى القريب والمتوسط.

تحذيرات رسمية بشأن عجز أنظمة التقاعد

زينب العدوي، رئيسة المجلس الأعلى للحسابات، نبهت إلى خطورة الوضع المالي للصناديق التقاعدية، مسلطة الضوء على العجز التقني الذي سجله الصندوق المغربي للتقاعد والذي بلغ 9.8 مليار درهم بنهاية 2023. كما أظهرت البيانات أن الأرصدة الاحتياطية للصندوق تراجعت إلى 65.8 مليار درهم، مع توقع نفادها بحلول عام 2028 إذا لم يتم اتخاذ إجراءات إصلاحية عاجلة.

تقرير صادر عن مرصد العمل الحكومي أكد هذه الأرقام، مشيرًا إلى أن الصندوق يعاني من عجز سنوي يقدر بـ 7.8 مليار درهم، مما يضع الحكومة أمام مسؤولية ثقيلة لإيجاد حلول مستدامة.

تصريحات الخبراء ودعوات للإصلاح

محمد جدري، الخبير الاقتصادي، شدد على ضرورة الإسراع في إصلاح شامل لأنظمة التقاعد، موضحًا أن تأجيل هذا الإصلاح يكلف خزينة الدولة ملايين الدراهم يوميًا. وأضاف أن الوضع الحالي يهدد القدرة على صرف معاشات التقاعد خلال السنوات القادمة، مما يستدعي تحركًا عاجلًا من الحكومة بالتنسيق مع النقابات وأرباب العمل.

كما أكد جدري على أهمية تعميم معاشات الشيخوخة لتغطية الفئات غير المستفيدة، مشيرًا إلى أن أي تأخير سيؤدي إلى تفاقم الأزمة المالية، ويهدد استدامة أنظمة التقاعد للأجيال المقبلة.

الحكومة بين التصريحات والانتظار

رئيس الحكومة عزيز أخنوش سبق أن صرح بأن التوافق بشأن المبادئ الأساسية لإصلاح أنظمة التقاعد قد تحقق، وأن هناك توجهًا لعرض الإصلاحات على البرلمان قريبًا. ومع ذلك، لم تبدأ الحكومة بعد في تنفيذ أي خطوات عملية، مما يثير تساؤلات حول جدية الإصلاحات ومدى قدرتها على مواجهة الأزمة المتصاعدة.

الوقت ينفد

مع توقع نفاد احتياطيات الصناديق التقاعدية في غضون سنوات قليلة، تبدو الحاجة ملحة لإطلاق إصلاحات هيكلية عميقة تشمل جميع الأطراف المعنية.

هذا الإصلاح لا يهدف فقط إلى ضمان استدامة الصناديق، بل أيضًا إلى تعزيز العدالة الاجتماعية من خلال تعميم التغطية على جميع الفئات وضمان حقوق المتقاعدين الحاليين والمستقبليين.

إذا استمر التأخر في اتخاذ التدابير اللازمة، فإن البلاد قد تواجه أزمة اجتماعية واقتصادية حادة تهدد استقرار نظام التقاعد ومصير الملايين من المواطنين.