على الرغم من عزفه على أكثر من آلة، اختار الملحن الإماراتي عبدالعزيز المدني آلة العود وما تحمله من شجن، ليشارك بها ممثلاً للإمارات في حفل «غلوبال فيوجن 2025»، الحدث السنوي العالمي الذي يحتفي بالانسجام الثقافي من خلال الموسيقى. وسيعتلي المدني خشبة هذا الحفل الذي يحمل شعار «الإيقاع، الوحدة، السلام»، ويقام بدبي في 19 من الشهر الجاري، لينشد السلام في أمسية حافلة بالعروض الاستثنائية، وتجمع العديد من الحضارات والثقافات والعازفين من أنحاء العالم.

ثقافات وحضارات

وعن مشاركته ضمن حفل «غلوبال فيوجن»، استهل المدني حديثه مع «الإمارات اليوم»، قائلاً: «سعيد بأن أكون جزءاً من هذا الحفل العالمي الذي ينشد السلام، ويجمع كثيراً من العازفين من ثقافات وحضارات وبلدان مختلفة، وهذا بحد ذاته يقدّم معنى وعنوان السلام، فالموسيقى أثبتت أنها كفيلة بمعالجة كل مشكلات الشعوب». وأضاف المدني: «سأقدّم آلة العود الشرقية مع عازف عالمي من الهند سيقدّم آلة خاصة ببلده، وسنعمل على دمج هويتين مختلفتين في العرض، فالموسيقى على مر العصور تقدّم مفاهيم التسامح والحب والسلام، وكذلك أحياناً قامت بسرد معاناة الشعوب». واعتبر المدني أن وجوده في الحفل يشكل إضافة مميزة في سيرته الفنية، موضحاً أنه اختار آلة العود تحديداً كونها الآلة الأم، ولأنه يشعر بأنها الآلة التي يمكنه تقديم مشاعره متكاملة من خلالها، فهي آلة تحمل طاقة كبيرة. وشدد على أن آلة العود قد تبدو الآلة الوحيدة الشاذة عن الآلات الموجودة في الحفل، نظراً لشرقيتها، لكنها وُظفت بطريقة جميلة، لاسيما أنه اختار تقديم عرضه بالعود التقليدي والشرقي وليس الإلكتروني.

مسلسلات درامية

وإلى جانب الحفل، يحضّر المدني حالياً مشروعاً فنياً بالتعاون مع مكتبة محمد بن راشد، وتحدث عن تفاصيل المشروع قائلاً: «أعمل على تقديم موسيقى المسلسلات الدرامية والكرتونية التي أثّرت في العديد من الأجيال، وسيتم عزف هذه الألحان وتقديمها صوتاً وصورة، وقد قدمت التجربة في الخارج، لكنها المرة الأولى التي تُقدّم خلالها في الإمارات». وأضاف أنه يرى نفسه اليوم في مجال التأليف الموسيقي، لاسيما بعد إنتاجه موسيقى الهوية الصوتية للمجلس الوطني الاتحادي لدولة الإمارات، موضحاً أن المؤثرات الصوتية على صفحات المجلس من تأليفه، وأنه وجد نفسه في التأليف الموسيقي أكثر من الأغاني. ولفت إلى أن تقديم هذا المشروع يحمل أهمية كبيرة، وهو بمثابة دكتوراه فخرية له، لأنه يقدّم لمؤسسة مهمة، مؤكداً أنه عمل أيضاً على موسيقى القصر الوطني بمناسبة اليوبيل الذهبي للإمارات، وهي بمجملها مشروعات تحمّله كثيراً من المسؤولية.

ثقافة المؤلف

يسعى المدني إلى أن يكون من مؤلفي الموسيقى الخالدة التي تعيش عبر الأزمنة، واعتبر أن صدق التأليف وثقافة المؤلف الموسيقي هما من العوامل التي تمنح الموسيقى التميز وسمة الخلود، لأن الموهبة تولد مع الإنسان، لكن الثقافة التي يكوّنها المرء مع الخبرات تنعكس على إنجازاته الموسيقية، فالجملة الموسيقية قد تبدأ بالموهبة، لكن من خلال التعليم الأكاديمي يمكن للملحن تقديم المقامات المتشعبة، أو ربما يقوم بالغناء أيضاً. وأكد أنه حين يلحن غالباً ما يبدأ بالتأليف على آلة العود انطلاقاً من الإحساس، مبيناً أنه في القدم كان التلحين سائداً على آلة العود، لكن في هذه الفترة باتت آلة البيانو هي الرائجة في مجال التلحين.

أما على مستوى ألحان الأغنيات، فقدّم المدني عملاً للفنانة المصرية ريهام عبدالحكيم، وهي أغنية بعنوان «طفلة حالمة» ستصدر قريباً، وكتب كلماتها الشاعر الإماراتي خالد المازمي. ولفت المدني إلى أن المازمي حوّل روايته إلى قصيدة شعرية، وغنتها ريهام لأنها تحمل قصة مميزة، وهي باللغة العربية الفصحى.

تثقيف الجمهور

وحول ما يحظى بالجماهيرية في مجال الأغنيات، أشار المدني إلى أن الجمهور قد يتجه على نحو خطأ موسيقياً، لهذا لابد للعاملين في المجال الموسيقي من تثقيف الجمهور، بهدف تعريفه بالهوية الموسيقية للبلد، فالمجتمع الشرقي غني بالألحان المميزة والأغنيات الجميلة، ولابد من العمل على تقديم ما يليق بكل دولة. وشدد على أن لكل بلد ثيمة خاصة في الألحان والكلمات، ولابد من الحفاظ على هذه الثيمات والهويات، لأن هناك أزمة حقيقية، في اتجاه بعض الملحنين أو حتى الكتاب إلى تقديم أعمالهم لدول أخرى. واعتبر المدني أن الجهات التعليمية يمكنها أن تحدث فرقاً في هذا الإطار، لأن تأهيل وتعليم المواهب هو الذي يمكّن من جني الثمار في عالم الموسيقى، خصوصاً أن التعليم في المجال الموسيقي يتطلب سنوات طويلة قد تصل إلى 10 من أجل جني ثماره.

مبادرات تدعم الموسيقى

حول المبادرات التي تقوم بها الدولة من أجل دعم الموسيقيين، عبّر الملحن عبدالعزيز المدني عن سعادته بإطلاق الأوركسترا الوطنية لدولة الإمارات، من قِبل سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، معتبراً أنها تعد إشراقة جميلة في عالم النغم، لاسيما أن هذه الأوركسترا ستضم إليها العازفين المؤهلين في الدولة. ولفت إلى أن وجود الأوركسترا يؤكد أهمية وجود تعليم أكاديمي في الدولة، وكليات متفرقة في إمارات مختلفة. ووجّه نصيحة للجيل الشاب بضرورة التوجه للتعلم من كبار الملحنين دون مكابرة، وكذلك وجّه دعوة للمخضرمين للتواضع من أجل تعليم الشباب.

عبدالعزيز المدني:

. المجتمع الشرقي غني بالألحان المميزة والأغنيات الجميلة، ولابد من العمل على تقديم ما يليق بكل دولة.

. أعمل على تقديم موسيقى المسلسلات الدرامية والكرتونية التي أثّرت في العديد من الأجيال.