نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الصحافة اليوم: 1-2-2025 - اخبارك الان, اليوم السبت 1 فبراير 2025 06:54 صباحاً
تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم السبت 1-2-2025 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.
الاخبار:
إدارة ترامب تدفع نحو إنهاء الحرب: هذه «هدايانا» لإسرائيل
تولِي إسرائيل أهمية كبيرة للقاء الذي سيجمع رئيس حكومتها، بنيامين نتنياهو، إلى الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الأسبوع المقبل. فمن ناحية نظرية، يُشكّل اللقاء فرصةً حاسمة بالنسبة إلى تل أبيب للتأثير في السياسات الأميركية في المنطقة، ولا سيما أنه يأتي مع انطلاقة عهد الإدارة الجديدة، وبدء رسم سياساتها الخارجية، ومن بينها ما لم يُحسم مساره بعد. لكن، من ناحية عملية، ثمة فرضيات واحتمالات، تتعدّد بتعدُّد القضايا ذات الصلة، وإنْ كان على رأس سلَّم أولوياتها، في هذه المرحلة، اتفاق وقف إطلاق النار، ومرحلتاه، واليوم الذي يليه، وهو ما ترى فيه واشنطن جزءاً من كل، بينما تَنظر إلى إنهاء الحرب باعتباره مقدّمة لازمة لِما سيأتي من ترتيب إقليمي أوسع وأشمل من رؤية إسرائيل الضيّقة.
ويتجاذب الرأي والتقدير إزاء زيارة نتنياهو، اتجاهان: يرى الأول أنه عدا الحفاوة والإشادة اللتين تنتظران رئيس الحكومة في البيت الأبيض، فليس ثمّة كثير يمكن توقّعه، ذلك أن ما تقرَّر في واشنطن قد تقرّر بالفعل، وبات على إسرائيل أن تنفّذ. وإذا كان هذا لا ينسحب على كل القضايا ذات الصلة، لكنه أصبح شبه محسوم في ما يتعلّق بقطاع غزة، وضرورة استكمال اتفاق وقف إطلاق النار بمرحلتَيه، بما يشمل الانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي من القطاع، وإنْ في إطار الترتيبات التي جرى الاتفاق عليها بين الجانبين لمرحلة ما بعد الحرب. وفي الاتجاه الثاني، والمجبول نسبياً بالآمال، يريد نتنياهو من المرحلة الأولى أن تكون الأخيرة، على أن يعود إلى استئناف الحرب من أجل تحقيق الأهداف التي لا يمكن إسرائيل التغاضي عنها أو تركها جانباً: إزالة تهديد حركة «حماس» وسيطرتها على القطاع، وهو ما أشار إليه نتنياهو في رسالة التهنئة التي بعث بها إلى ترامب، في أعقاب تنصيبه، حين قال: «أتطلّع إلى العمل معكم لإعادة الأسرى المتبقّين، وتدمير القدرات العسكرية لحماس وإنهاء سلطتها في غزة، وضمان عدم عودة غزة لتشكّل تهديداً على إسرائيل».
يُتوقّع أن يضغط ترامب على نتنياهو لتجنّب العودة إلى القتال في غزة، حتى لو انهار اتفاق وقف إطلاق النار
وعلى هذه الخلفية، يُتوقّع أن يضغط ترامب على نتنياهو لتجنّب العودة إلى القتال في غزة، حتى لو انهار اتفاق وقف إطلاق النار، سواء في مرحلته الثانية، أو في مسار التفاوض عليها، وكذلك في مسار تنفيذها اللاحق. ذلك أن الأميركيين مشغولون ببناء ركائز السياسة الخارجية، وقد يكون إنهاء الحرب والامتناع عن العودة إليها، الركيزة الأولى فيها. لكن، إذا لم يكن في مقدور نتنياهو تغيير المسار الأميركي المرسوم، فهل يمكن تليينه، تأجيله، أو البحث في بدائله؟ الاحتمالات كلّها واردة، وهو ما يراهن عليه نتنياهو، ويأمل في أن يمنحه فرصة للتأثير.
ومن المقرَّر أن تنطلق، الإثنين المقبل، أي في اليوم الـ16 من بدء تنفيذ المرحلة الأولى (من أصل 42 يوماً)، المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل و»حماس»، على المرحلة الثانية، على أن تُستكمل في نهاية الأسبوع الخامس منها. لكن، وحتى الآن، لم يعلن أيٌّ من الجانبين شيئاً عن مكان المفاوضات، وما إذا كانت ستُعقد في المنطقة أو في أوروبا، أو مَن من الوفود الرفيعة المستوى من الوسطاء سيحضرها. وأياً يكن، فإن الأمور تنتظر كلمة السرّ الأميركية ليتبلور مسارها؛ وفي هذا الإطار، تشير تصريحات مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، والتسريبات حول لقاءاته في الغرف المغلقة في تل أبيب، إلى الاتجاهات المقبلة، ليس في ما يتعلّق بإصراره على إنجاح مفاوضات المرحلة الثانية فحسب، بل وربطاً أيضاً بتأكيده جدّية مشروع ترحيل الفلسطينيين من غزة إلى دول الجوار.
والتسريبات التي تحدّثت في الأيام الأخيرة عن خطّة أميركية تقضي بعرقلة عودة سكان شمال القطاع إلى حياتهم، عبر منع إعادة الإعمار، عاد ويتكوف للتأكيد عليها، حين قال إن إعادة إعمار قطاع غزة قد تستغرق 15 عاماً، مؤكداً في الموازاة أن مَن يقفل إلى شمال القطاع من سكانه، ويرى الدمار الذي حلّ فيه، يعود أدراجه، إذ «لم يتبقَّ منه شيء تقريباً». ويتقاطع ذلك مع اجتماعات أجراها ويتكوف مع مركبات ائتلاف نتنياهو، وتحديداً وزير المالية، رئيس حزب «الصهيونية الدينية» بتسلئيل سموتريتش، ورئيس كتلة حزب «شاس» الحريدي، أرييه مخلوف درعي، وناقش خلالها فكرة ترامب في شأن نقل الفلسطينيين من غزة إلى دول أخرى، وهو ما علّق عليه مصدر في مكتب نتنياهو، بالقول إن هذا الأخير «أدخل درعي وسموتريتش في الشؤون السياسية، حتى لا يتسبّبا بإسقاط الحكومة ويفهما الثمن»، في إشارة إلى إمكان ضياع فرصة «ترحيل الفلسطينيين»، علماً أن مسؤولي الحزبين الدينيَّين، وغيرهما من أحزاب الائتلاف، كرّروا في الأيام الأخيرة توقعاتهم بحلّ «الكنيست» والذهاب إلى انتخابات برلمانية مبكرة.
ويبدو واضحاً أن ترامب يعمل على إزالة أيّ عقبات ممكنة أمام القرارات التي يفترض أن يتّخذها نتنياهو للمضيّ قدماً في طريق إنهاء الحرب وعدم العودة إليها، سواء في السياق الداخلي الإسرائيلي الأكثر ضغطاً عليه، أو في السياق الإقليمي، حيث المغريات كبيرة، أو لناحية العطاءات المقرَّر أن تغدقها الإدارة على إسرائيل، في مرحلة الإعداد للترتيب الإقليمي المنشود، وكذلك في أعقابه.
وعلى رغم ما تقدّم، ليست ثمة تقديرات حاسمة إزاء ما تنوي واشنطن فرضه؛ إذ تبقى الاحتمالات والفرضيات كافة قائمة، خاصة في ظل وجود شخصية متقلّبة كترامب، وهو ما يراهن عليه نتنياهو.
أميركا تفتح رحلة لبنان نحو التطبيع: ترامب يستعدّ لافتتاح السفارة وينتظر إضعاف حزب الله أولاً
ليقل الجميع ما يقولون، لكنّ الحقائق صارت أقوى من أن تحل مكانها ألاعيب وشيطنات الصغار في قومنا. فملف تشكيل الحكومة، ليس سوى ملحق لانتخابات رئاسة الجمهورية، وكل ما يمكن لنواف سلام أن يفعله، لا يمكن أن يخرج عما هو مرسوم أصلاً من دور للعهد الجديد. ومع مرور الأيام، تتكشف التفاصيل عن المشروع الكبير الذي يُعد للبنان، حيث تخطط الإدارة الأميركية لخلق واقع لبناني «يناسب مشروع التطبيع الواسع» في المنطقة بين العرب وإسرائيل.
الأميركيون كانوا شركاء كاملين في الحرب على لبنان، وتظهر تباعاً التفاصيل عن دور أمني وعسكري مباشر في الحرب أيضاً. وثمة برنامج تقوده الولايات المتحدة من أجل بناء الإدارة العامة في لبنان، بما يساعد على كبح جماح أي قوة تريد مقاومة مشروع التطبيع، ما يجعل شعار الحرب الآن، هو كيفية إخضاع لبنان لطلبات العدو بتنفيذ النسخة الإسرائيلية من القرار 1701، والسير في مهمة نزع سلاح المقاومة في كل لبنان.
لكنّ الجانب الأميركي لا يقف عند حد معين، بل هو يذهب بعيداً في الاستعدادات والتحضيرات. وكل فكرة الحكومة الجديدة الخالية من الحزبيين والسياسيين، والتي يكون فيها الوزراء مجرد موظفين في مجلس إدارة يُعهد بإدارته إلى الرئيسين جوزيف عون ونواف سلام، لهي مجرد مقدمة لكثير من الخطوات الداخلية، التي تتصل بتعيين القيادات العسكرية والأمنية على اختلافها، ومن يشغل مناصب القضاء وإدارة المؤسسات المالية ومصرف ولبنان. إضافة إلى نشر «فرق اختصاصيين» ستشرف على إعادة هيكلة قطاعات الطاقة والاتصالات. ومن دون إهمال أكثر الملفات حساسية، وهو المتعلق بإعادة إعمار ما هدّمته الحرب الإسرائيلية، حيث المسعى الدائم لمنع وصول الأموال لمساعدة الناس على إعادة بناء منازلهم.
لكنّ المفاجأة التي يريدون تحويلها إلى رشوة كبيرة للبنان، تتعلق بإبداء الرئيس الأميركي دونالد ترامب استعداده لزيارة لبنان، بعد تحديد موعد افتتاح أكبر سفارة أميركية في الشرق الأوسط، أي المجمع الاستخباراتي والقاعدة اللوجستية لعمل وكالات الدفاع والأمن الأميركية في منطقة المشرق العربي، وخصوصاً في لبنان وسوريا. وهو مجمع ضخم، سيستوعب نحو ألفي موظف أميركي بين دبلوماسي وأمني وعسكري إلى جانب الفريق العامل في مجالات العلاقات العامة، حيث ستنطلق أكبر ورشة لجذب الشباب اللبناني المهتم بتطوير مهاراته وخدماته ضمن عمل المنظمات غير الحكومية، علماً أن إدارة الجامعة الأميركية في بيروت، أنجزت شراء مستشفى في كسروان وبدء تجهيزه ليكون مخصصاً للأميركيين. إضافة إلى اختيار مرفأ بحري خاص يخضع لإشراف الأمن الأميركي.
لكنّ ترامب الذي يتميز بصراحته الواسعة، يريد أن يزور لبنان بعد أن يكون حزب الله قد أُضعف إلى أبعد الحدود، وقد تمت إزالة السلاح من كامل المخيمات الفلسطينية وفق برنامج يعمل عليه بالتعاون مع عواصم عربية، ويتولاه الموظف في رئاسة الحكومة باسل الحسن، وصولاً إلى رفع شعار تحسين الشروط الحياتية للاجئين الفلسطينيين ضمن برنامج يقود إلى توطينهم في لبنان على غرار ما سيحصل في سوريا ودول عربية أخرى.
ما يجري ليس إلا استكمالاً للحرب التي بدأها العدو في غزة ولبنان ويستكملها في سوريا وربما يخطط لما هو أكثر خطورة ضد العراق وإيران واليمن أيضاً.
ثمة وقائع ثلاثة، هي جزء من وقائع أكثر، تؤشر إلى ما يفكر به الأميركيون، تعرضها «الأخبار» في ما يلي:
وقائع قاسية من اجتماعات في واشنطن وميامي وعمان ودمشق
الواقعة الأولى: امتحان المرشحين للرئاسة اللبنانية
كان المرشحون لرئاسة الجمهورية في لبنان يعرفون أن الامتحانات الرئيسية معهم ستكون في مكانين: الأول في واشنطن والثاني في حارة حريك. ظلت هذه القاعدة قائمة حتى بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان. ولما أراد العماد جوزيف عون تسوية تسمح بحصوله على 85 صوتاً، قال للأميركيين إنه لا مناص من تفاهم مع حزب الله. تصرّف الرجل على أن الرئيس نبيه بري لن يكون معارضاً بقوة. وهو لمس مرونة رئيس المجلس خلال المفاوضات على اتفاق وقف إطلاق النار في الجنوب. صحيح أن الاتفاق لم يرد فيه بند يتعلق بانتخاب العماد عون، لكن بري تعهّد على هامش المفاوضات، بأن يتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل انتهاء مهلة الستين يوماً. هذا التعهد الذي ينفي بري وجوده، يستدل عليه الآخرون، بنوعية التفاهمات التي أجريت على عجل مع العماد عون قبل منحه الأصوات التي نقلته إلى القصر الجمهوري.
في واشنطن، حصلت لقاءات مع عدد من المرشحين الجديين للرئاسة. كان الأميركيون يصرحون بأن مرشحهم هو العماد عون، لكنهم أخذوا برأي حلفاء لهم في المنطقة، من الذين أبدوا تخوفاً من قدرة حزب الله على تعطيل العملية، ما يوجب أن يكون هناك خيار بديل. فاستغل المرشحون للرئاسة الفرصة الميتة بين رحيل إدارة ومجيء أخرى، من أجل بناء الأرضية المناسبة. لكن بعد انتخاب الرئيس دونالد ترامب، انتقل المرشحون دفعة واحدة صوب الجمهوريين لمعرفة ما إذا كان هناك تغيير في وجهة السير. وطبعاً، استفاد المرشحون من وجود مسعد بولس إلى جانب الرئيس المنتخب، ولو كان هناك تفاوت في تقدير حجم الرجل وحقيقة تأثيره على قرار البيت الأبيض. لكن بولس ظل على الدوام، إحدى قنوات التواصل.
صقور واشنطن: كيف تضمون بيئة لبنانية صديقة لمشروع السلام مع اسرائيل؟
أما ما بقي حبيس الغرف المغلقة، فيتعلق بأسئلة صريحة وجّهها صقور الإدارة الجديدة إلى مرشحين أو وسطاء يعملون من أجل مرشحين محتملين. ولم يكن النقاش يتعلق بالإصلاحات الداخلية كما يظن كثيرون، بل كان جدول الأعمال يختلف مع الوقت، وعشية الوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار، صارت الأسئلة مباشرة جداً: ماذا ستفعل من أجل تطبيق القرار 1701 ومندرجاته في كل لبنان؟ كيف ستتعامل مع سلاح حزب الله شمال نهر الليطاني؟ ما هو موقفك من عدم إدخال حزب الله إلى الحكومة الجديدة؟ كيف يمكن خلق مناخ سياسي عام في لبنان يقود إلى إعلان إنهاء حالة العداء مع إسرائيل، والاستعداد للحظة يكون فيها السلام أمراً ممكناً… إلى آخره من الأسئلة التي تصب في خدمة الهدف الأوحد: كيف نضمن أمن إسرائيل، وكيف يمكن محاصرة حزب الله ودفعه إلى التراجع عن فكرة المقاومة؟
بعض المرشحين، كانوا يعتقدون بأن هذه الأسئلة، سوف يكون لها ما يقابلها تماماً عند حزب الله. وأن تكون أسئلة الحزب على شكل: كيف ستطبق القرار 1701 حصراً جنوب الليطاني؟ وكيف ستضمن التزام إسرائيل بتطبيق القرار والانسحاب ووقف كل أنواع الاعتداءات على لبنان بما فيها الخروقات على أنواعها؟ وكي ستحيل ملف السلاح إلى لجنة الحوار الوطني حول الاستراتيجية الدفاعية؟ وما هي خطتك لأجل ضمان أن تلعب الدولة دوراً عملانياً فعالاً في عملية إعادة الإعمار؟ وهل ستعمل من أجل تسهيل وصول الدعم الإيراني المباشر أو غير المباشر إلى لبنان؟ وأي وضعية تريدها للجيش اللبناني في المرحلة المقبلة ومن هو مرشحك لمنصبَي قائد الجيش وحاكم مصرف لبنان؟
لا أحد يصرّح فعلياً بما أجاب المرشحون على أسئلة الأميركيين، ولكن الأكيد، أن أسئلة حارة حريك لم تُطرح بالصيغة التي تخيّلها المرشحون، حتى جاء موعد 9 كانون الثاني الماضي، كان الجميع أمام أمر واقع. اكتشف القوم بأن لا وجود لمرشح آخر عند الولايات المتحدة وفرنسا ومصر والسعودية سوى العماد عون، وقطر أنهت مناورتها وسارت في الركب. وعندما أُسندت مهمة التبليغ إلى المسؤول السعودي يزيد بن فرحان، سأل الأخير عن كيفية مخاطبة المسؤولين السوريين سابقاً للنواب اللبنانيين. فاعتبرها تجربة رائدة في التحدث مع اللبنانيين، وهو ما فعله عندما جاء إلى بيروت. صحيح أنه كان فجاً مع بعض الكتل وبعض المستقلين، إلا أنه لم يكن مرناً مع آخرين من الكتل الكبيرة مثل «القوات اللبنانية»، أما وليد جنبلاط فقد أعفاه من المهمة قبل وصوله، لكن المسؤول السعودي وجد نفسه أمام نقاش صعب نسبياً مع الرئيس نبيه بري، والأخير لم يستسغ اللغة ولا الطريقة التي يتكلم فيها المسؤول السعودي، وأحاله بعد أول لقاء إلى معاونه النائب علي حسن خليل، واعتذر عن الاجتماع به من جديد.
لم يمر وقت طويل على انتخاب العماد عون رئيساً، حتى تبيّن أن التفاهمات التي جرت بينه وبين حزب الله لم تكن قوية ومتينة بالقدر المطلوب. في هذه النقطة، بدت المناورة ناقصة من جانب رئيس المجلس. وثمة من اقترح على الثنائي بعد جلسة التصويت الأولى التي لم يحصل فيها عون على 85 صوتاً، أن يصار إلى تجميد عملية التصويت، وأن يصار إلى الاتجاه صوب مفاوضات من نوع جديد، على أن تجري هذه المرة مع الأميركيين مباشرة وليس مع العماد عون. وأن يكون عنوانها: حسناً، نحن على استعداد للسير بانتخاب قائد الجيش، ولكن بعد أن تضمنوا لنا التزاماً إسرائيلياً تاماً بالانسحاب عند نهاية مهلة الستين يوماً، وأن لا تضعوا أي عقبات أمام عملية إعادة الإعمار.
لم يأخذ لا بري ولا حزب الله بهذه النصيحة، والتزما السيناريو المتفق عليه، فعُقد اجتماع أخير مع قائد الجيش، قبل أن يعود النواب إلى مقاعدهم للتصويت، وقبل ذلك بدقائق، برّر الثنائي قرار التصويت لمصلحة عون، بأنه جرى التفاهم معه على أمور أساسية، من بينها الإبقاء على نجيب ميقاتي رئيساً للحكومة، وإسناد وزارة المالية إلى شيعي، والتفاهم على التشاور قبل اختيار المرشحين لمنصبي قائد الجيش وحاكم مصرف لبنان.
مرة جديدة، سبب هذا السرد، هو القول، بأنه لم يحصل أي نقاش له بعده الاستراتيجي، والمتصل بالوضع في لبنان وعلاقته بما يجري في المنطقة، وآثار سقوط النظام السوري على المقاومة، وبدا أن التفاهم بين حركة أمل وحزب الله يسير على هُدى التعاون في مواجهة «من يريد إقصاء الشيعة عن الدولة».
الواقعة الثانية: ماذا قال ترامب لتميم عن الأردن؟
قبل انتقاله إلى نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، جرى تأمين اجتماع «مصيري» بين أمير قطر الشيخ تميم آل ثاني، مع المرشح الجمهوري دونالد ترامب في منتجعه بولاية فلوريدا. انتظر كثيرون عودة «الشيخ» من ميامي لمعرفة اتجاهات «رجل المفاجآت» سيما أن الغالبية كانت واثقة من فوزه بالرئاسة. لكن الصدمة حلّت، عندما قال لهم تميم: لقد سألني ترامب عن الملف الفلسطيني، وقال لي، بماذا تفسر التظاهرات التي تحصل في الأردن هذه الفترة؟ فأجاب تميم: هو احتجاج على ما تقوم به إسرائيل في قطاع غزة؟ فقاطعه ترامب: لا، إنها تظاهرات ضد الملك الأردني. فالوضع في الأردن ليس جيداً على الإطلاق، وهناك رغبة قوية لدى الشعب بالتغيير. وربما يجب أن يأخذ الجميع هذا الأمر في الاعتبار. وأكمل ترامب حديثه عن أنه سيدعم وقفاً سريعاً للحرب في الشرق الأوسط، لكنه تحدّث عن أنه لا يريد وقفاً لإطلاق النار فقط، بل يريد إقرار السلام في المنطقة، وأن يكون هناك تفاهم عربي – إسرائيلي، وقد نصح أمير قطر بأن لا يكون خارج قطار التطبيع مع إسرائيل.
في هذه الأثناء، تصاعد الحديث في عمان حول تعاظم نفود الملكة رانيا في إدارة العرش، وأن ابنها ولي العهد الحسين بن عبدالله، صار ينشط أكثر في العلاقات الداخلية، وصار أبوه يجلسه إلى جانبه في استقبال أي ضيف. كما طلب منه الذهاب لبناء العلاقات مع أعيان المملكة، من شرق أردنيين وفلسطينيين أيضاً. صحيح أنه تجاوز عمر الثلاثين، لكنه تدرّب كفاية لتولي المسؤولية، ثم بدأ الهمس عن استعداد الملك للإقدام على خطوة إصلاحية كبيرة في الأردن، تبدأ بإعلان تنحيه عن الحكم لابنه، ثم إطلاق سياسات داخلية جديدة، تلغي المزيد من الفوارق التي لا تزال موجودة بين الشرق أردنيين والفلسطينيين، علماً أن الملك عبدالله، الذي عانى الأمرّين مع قادة دول الخليج العربي، صار يموّل عرشه من دعم توفره أساساً العائلات الفلسطينية صاحبة النفوذ المالي الكبير. إضافة إلى مساعدات تقدّمها الولايات المتحدة وأوروبا، مقابل دوره الأمني في مواجهة المقاومة في الضفة الغربية من جهة، ومساعدة حكومات حليفة في المنطقة. لكنّ الملك يريد أولاً الحصول على مباركة الإدارة الأميركية لهذه الخطوة.
لعبة الحظ ناجحة عند الملوك. فجأة، برزت إلى الواجهة من جديد، سيدة أميركية من أصول أردنية، هي جوليا النشيوات. الصبية التي درست في أميركا واليابان قبل أن تبدأ مسيرتها المهنية كضابط استخبارات عسكرية في الجيش الأميركي، ثم تتحول إلى خبيرة في المسائل الأمنية وفي السياسات الحكومية، لتحتل موقع مستشارة الأمن الداخلي في إدارة ترامب من عام 2020 إلى عام 2021، بعدما تولّت منصب نائب مساعد وزير الخارجية الأسبق ريكس تيلرسون… لكن الأهم من كل ذلك، في كونها زوجة مستشار ترامب للأمن القومي مايك والتز.
سارع ديوان الملك الأردني إلى طلب النجدة من السيدة والتز، والتي عملت على ترتيب اجتماع بقي بعيداً عن الأضواء بين الملك عبدالله والرئيس ترامب. وخلاله، سمع ملك الأردن تصوّر الرئيس الأميركي لمستقبل السلام في المنطقة. وفي ذلك الاجتماع، كان عبدالله أمام الطلب الأول والأكثر سخونة: عليك أن تستعد للمساعدة في معالجة المشكلة الفلسطينية، وأن تفتح بلادك لاستقبال نحو ربع مليون فلسطيني جديد!
تلك الليلة، لم ينم الرجل، وقد بدا القلق واضحاً عليه، وفي وقت لاحق التقى وفداً من وجهاء عشائر أردنية، وكان صريحاً جداً معهم بالقول: يبدو أننا نجونا من صفقة القرن، ولكن التحدي الجديد، قد يكون صعباً، ولا أعرف إن كنا سننجو منه مرة أخرى!.
الواقعة الثالثة: الشرع يسأل عن السادات يريد تجنيس الفلسطينيين
ثلاثة أيام فقط على إعلان سقوط نظام بشار الأسد في سوريا. والفرق العسكرية والأمنية التابعة لهيئة تحرير الشام، تعمل على تثبيت انتشارها في العاصمة السورية. وتبعد المسلحين التابعين لفصائل درعا أو مجموعات السويداء عن ريف العاصمة. لكن أركان أحمد الشرع، سارعوا لعقد أول الاجتماعات مع قيادة الفصائل الفلسطينية في مخيم اليرموك. كان الكلام حاسماً وجازماً وسريعاً: عليكم أن تفهموا أن السلاح الفلسطيني ممنوع من الآن فصاعداً. سلّموا الأسلحة الثقيلة، وأخلوا جميع المقرات العسكرية والمعسكرات في أي مكان في سوريا، واحفظوا سلاحاً خفيفاً مع عناصر لا يخرجون من المراكز. ثم فتحت «الهيئة»» الباب أمام وساطة رئيس إقليم الخارج في حركة «حماس» خالد مشعل لضمان عدم التعرض لقيادات فلسطينية كانت محسوبة على النظام. لكن هذا النشاط، سرعان ما انتقل إلى التنفيذ، خصوصاً في المنطقة الحدودية مع لبنان، حيث أُخرجت مجموعات الجبهة الشعبية – القيادة العامة من مقراتها على الحدود مع البقاع الشرقي في لبنان، بينما تبلّغ لبنان بأنه صار بمقدور الجيش اللبناني التوجه إلى منطقة قوسايا وختم كل هذا الملف بالشمع الأحمر.
انشغل السوريون بالحدث الداخلي. فيما كانت قوات الاحتلال تحتل المزيد من الأراضي والمواقع في الجنوب، وتنتشر عسكرياً في محافظة القنيطرة، وتوسّع حضورها الأمني في مناطق درعا والسويداء، وترسل فرق كومندوس إلى الخط الحدودي وصولاً حتى قاعدة التنف. بينما كانت القيادة السورية الجديدة، لا تعلّق على هذا الحدث، وأكثر ما اضطُر المسؤولون في هيئة تحرير الشام إلى الحديث عنه تجلّى في الحديث عن «تقدم القوات الإسرائيلية» وأنه «فعل غير مبرر طالما طردنا إيران وحزب الله من سوريا». وإذا كان السوريون يمرون اليوم في لحظة خاصة، قد لا تجعل مواجهة الاحتلال أولوية، فهذا أمر لا يدوم في حالة دوام الاحتلال. ولكن، لنتعرف أكثر على الإطار العام للحكم الجديد. وهو يرى الاستقرار ممكناً إذا حصل على اعتراف الغرب وعربه به، ثم الحصول على مساعدات وإلغاء العقوبات، وهذا ما ساعد على فهم التوجه الفعلي لأحمد الشرع تجاه إسرائيل.
هيئة تحرير الشام بدأت علاقاتها مع الغربيين من إدلب وعينها على العقوبات الأميركية
كان نجيب ميقاتي جالساً يستمع «مدهوشاً» إلى أحمد الشرع في قصر الشعب. اضطر ميقاتي إلى الإنصات جيداً، لمن يريد أن يتعرف إليه بصورة مباشرة. قبل أن يباغته الرجل بسؤال صعب: قل لي دولة الرئيس، هل أنور السادات في نظرك يُعتبر خائناً؟. صمت ميقاتي ولم يرد، كمن ينتظر أن يواصل الرجل حديثه، لكن الشرع كرّر: سألت ولم تجب، هل تعتبر أنور السادات خائناً؟ أيضاً ابتسم ميقاتي بما يجعل الرجل يفهم أن لا جواب لديه. فأخذ الشرع نفساً ليكمل: فكّرت بالأمر طويلاً، وأنا درست كل ثورات العالم، وراجعت ما مر على الأمة العربية من أفكار وقوى، والآن، أفكر، لو أنني كنت مكان السادات في حينه، لفعلت الأمر نفسه!.
في إدلب، وخلال عمله على «تمكين حكم الهيئة» هناك، كان الشرع يوسّع من قنوات التواصل بينه وبين الغربيين. لم يكن يريد حصر الأمر عبر الأتراك و القطريين. وهو استفاد من إلحاح الاستخبارات البريطانية للحضور مباشرة على الأرض، وفتح معهم ومع أوروبيين وأميركيين علاقات، من باب المساعدات الإنسانية. لكنه ظل يستمع إلى النصائح حول ما يجب عليه القيام به، من أجل انتزاع اعتراف الغرب به.
الشرع نفسه، فاجأ بعض المساعدين له، بأن طلب إليهم عدم استفزاز القيادات الدرزية في السويداء. وبعد اجتماعين غير ناجحين عقد أحدهما في دمشق والآخر في السويداء، طلب الشرع من مساعديه ترك الأمر إلى وقت لاحق. ولما قيل له، بأن إسرائيل بدأت تعزز نفوذها هناك من خلال شخصيات دينية درزية موجودة في فلسطين المحتلة لم يعلّق، بل أصر على تأجيل ملف السويداء إلى وقت لاحق. والمهم، أن تمنعوا توسع نفوذهم، وحاولوا إيجاد الأطر لمنع وقوع اشتباكات بينهم وبين أهالي حوران. وقال إن منع النفوذ الإسرائيلي أمر صعب جداً.
يعرف الشرع جيداً أن الحكم في سوريا لم يكن سهلاً الآن. وأمامه خيارات ضيقة. فإما أن يبني تحالفاً سياسياً عريضاً وهو ما لا يبدو راغباً فيه، وإما البديل، فهو الذهاب نحو تفاهم جدي مع الولايات المتحدة الأميركية. ومتى نجح في انتزاع اعتراف واشنطن به، سوف تفتح الأبواب أمامه داخلياً وخارجياً.
حتى اللحظة، يبدو أن دونالد ترامب يلاقي الشرع بإيجابية نسبية. ويخضعه لامتحان تلو آخر. وترامب لم يطلق أي موقف تجاه ما يجري في سوريا. بعد الهجوم على حلب، قال إنها مسألة لا تخص أميركا، ثم أوضح لاحقاً أنه يقدر على البحث في الأمر مع الأتراك. وهو يترك الأكراد والمقاتلين في البادية في حالة قلق. لا يقول إنه يريد الانسحاب، ولكنه لا يحسم أنه سيقاتل إلى جانبهم إن تعرضوا للهجوم من جانب تركيا. لكن ترامب، أرسل من يحمل طلبه الرئيسي المتعلق بخطته نفسها: كيف نصنع السلام مع إسرائيل؟
لا يريد أحد الحديث عن هذا الأمر الآن. فقط في تركيا يوجد قلق من «القنوات الخلفية» التي يتعامل معها الشرع. وقطر تركز اهتمامها على ضمان مقاعد لشخصيات وقوى حليفة لها في الحكم السوري. لكنّ أحداً لا يناقش الشرع في خطته لإرضاء الأميركيين. لكن يأتيك من الغرب من يحمل «الأخبار الطيبة»، حيث أرسل الشرع إلى العاصمة الأميركية، موافقته على الدخول في مشروع معالجة مشكلة الفلسطينيين. وهو يدرس الآن قراراً، بمنح الجنسية السورية لكل الفلسطينيين المسجّلين كلاجئين في سوريا. وبعدها، سيقول لهم: لقد أصبحتم مواطنين كاملي الأهلية، تحصلون على الحقوق كاملة، لكن تخضعون لنفس القوانين. وعليكم ترك أمر الصراع مع إسرائيل إلى الدولة كي تقرر المطلوب فعله. وهو لا يمانع، أنه في إطار برنامج إعادة الإعمار في سوريا، أن يجري العمل على إزالة المخيمات نهائياً ونشر من بقي من فلسطينيين على طول الجغرافيا السورية. لكن ما لم يفصح الشرع بعد عنه، هو ما إذا كان أجاب أم لا على طلب واشنطن، بأن يستقبل المزيد من اللاجئين الآتين من الضفة الغربية أو قطاع غزة، أو حتى من بلدان عربية أخرى.
سلام يواصل المناورات واعتراضات لسنّة الشمال: حملة لبنانية – أميركية لإقصاء حزب الله والتيار
هل تورّط الرئيس المكلّف نواف سلام في مشروع إبعاد حزب الله عن الحكومة؟
مردّ السؤال، ليس إلى التسريبات التي نقلتها وكالة «رويترز» عن مصادر أميركية تطالب بأن تتشكّل الحكومة من دون الحزب، بل إلى التحريض الداخلي، الذي يترافق مع المزيد من مناورات الرئيس المكلّف. والتي أطلّت أمس بعنوان جديد أبلغه سلام إلى الثنائي أمل وحزب الله بأنه لا يحق لهما تسمية الوزراء الشيعة الخمسة، وأنه يريد تسمية أحدهم بما يتناسب والتعددية في البلاد، مرفقاً طلبه بالموافقة على اسم ياسين جابر لوزارة المالية، لكنه أصر على أن يُترك له اختيار من يراه مناسباً من مرشحي الثنائي للحقائب الأخرى.
الإقصاء لا يبدو أنه يستهدف الحزب فقط، بل تعمل الماكينة نفسها ضد التيار الوطني الحر. وبرغم «اللياقة الود» من قبل سلام تجاه النائب جبران باسيل، إلا أنه رفض كل لائحة المرشحين من قبل التيار، علماً أن باسيل، يعرف جيداً، أن هناك في لبنان وخارجه من يعمل على إبعاده، وهو يريد إفشال هذه المهمة، وأبدى مرونة من خلال التنازل عن الشروط التقليدية الخاصة بالحقائب والمواقع، لكنه يجد نفسه أمام واقع صعب، عندما يصبح مطلوباً منه القبول بأسماء قد لا تربطها بالتيار سوى علاقات التحية فقط.
ولجأ القائمون على الحملة ضد الحزب والتيار، إلى التلويح بمخاطر الخضوع من قبل سلام. وصارت القوى السياسية ومعها القنوات الإعلامية والمجموعات الدولية، تتحدث عن «ضرورة تلبية شروط المجتمع الدولي بالإصلاحات وإلا وقع لبنان تحت الحصار من جديد».
وفي خضمّ هذا الجو، جاء خبر وكالة «رويترز» أمس عن أن «هناك رسائل أميركية نقلها موفدون أميركيون من بينهم، مسعد بولس، إلى رئيسَي الجمهورية والحكومة، بضرورة عدم مشاركة حزب الله في الحكومة». ونسبت الوكالة، إلى مصادر في الحزب، بأن «ضغوطاً مورست على الرئيسين لقصّ أجنحة الحزب وحلفائه». وسرعان ما بدا أن هناك تعليمة كرّرها صحافيون وناشطون، مدّعين بأنهم تلقّوا معلومات من مرجعيات عربية ودولية تؤكّد ذلك، في وقت واصل «نواب السفارات» ومجموعة «كلنا إرادة» العمل مع «لوبي صديق موجود في الولايات المتحدة» والذي يكثّف اتصالاته مع مسؤولين في الإدارة الأميركية الجديدة للغاية نفسها، مستندين إلى تصريح وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو الذي أكّد أن بلاده «تأمل أن تصبح الحكومة اللبنانية أكثر قوة من حزب الله».
مشهد الأهالي جنوباً فاقمَ سخط الفريق الذي ظنّ نفسه منتصراً
ويبدو أن مشهد الأهالي جنوباً فاقمَ سخط هذا الفريق الذي ظنّ نفسه منتصراً، وأن الفرصة متاحة لتكريس استضعاف حزب الله داخلياً، إذ استشعر بأن ما فعلته بيئة المقاومة يُعيد دوزنة المشهد، فلجأت إلى الألعاب القذرة، عبر الادّعاء بوجود قرار دولي بمعاقبة لبنان في حال امتثل عون وسلام لمطالب الثنائي. ولما كانَ من المفترض أن يقوم الموفد السعودي يزيد بن فرحان بزيارة إلى لبنان، نقلت مصادر مطّلعة أن «الزيارة تأجّلت من دون معرفة الأسباب»، فاستغلّت بعض الأطراف هذا التأجيل للقول إن «هناك عدمَ رضى سعودياً عن مشاركة الثنائي»، وبدأت تروّج لذلك، كما فعلَ نائب «القوات اللبنانية» غياث يزبك الذي قال إن «الموفد السعودي سيوجه كلاماً إلى سلام يُشبه تحذير مسعد بولس»، علماً أن أوساطاً سياسية، على تواصل مع الرياض، قالت إن «السعوديين ليسوا على هذه الموجة».
على أن مفاوضات تشكيل الحكومة، كشفت عن المزيد من الفجوات بينَ سلام والقوى السياسية، وأبرزها مع الكتل السنية التي يتعزز لديها شعور التهميش والإقصاء إثر رفض سلام القبول بإعطائها حصة وزارية، وتعمّده تسمية الوزراء السنّة من دون التشاور مع هذه الكتل. وقالت مصادر مطّلعة إنه بينما امتنع تكتل «التوافق الوطني» عن تقديم أسماء، تفادياً لإحراج نفسه، تفاجأ باختيار سلام ريما كرامي لوزارة التربية من دون علم الأخير، ثم جاء الإعلان عن ترشيح طارق متري لمنصب نائب رئيس الحكومة، واعتباره ممثلاً لقضاء عكار، ليزيد كل ذلك من توتر «كتلة الاعتدال» التي سبق أن أرسلت سيراً ذاتية إلى سلام لكنه تجاهلها، قبل أن يتولى النائب مارك ضو وساطة لجمع سلام مع النائب وليد البعريني.
أما بالنسبة إلى الحزب «الاشتراكي» فقد كشفت مصادره أننا «لسنا على وفاق مع الرئيس المكلف، وهو قد لمّح إلى سحب وزارة الأشغال منا لكننا رفضنا، وهو اليوم يسعى لأن يكون الوزير الدرزي الثاني من حصته ويسميه بالتشاور مع رئيس الجمهورية»
ومع أن قائد «القوات اللبنانية» سمير جعجع تولى شخصياً قمع الأصوات المعترضة على أداء سلام داخل كتلته، فهو طالب المسؤولين عنده بعدم الإدلاء بتصريحات لأن المطلوب حصر المشكلة مع الثنائي أمل وحزب الله، علماً أن جعجع نفسه كان قد قال لنوابه إنه غير مرتاح لطريقة عمل الرئيس المكلّف، خاصة في ما يتعلق بالأسماء، فهم كلما أعطوا سلام لائحة عادَ وطالبَ بغيرها، بحجّة أنه يريد متخصصين وغير حزبيين. وقد أكّد ذلك جعجع أمس بقوله إن «سلام يولي الأهمية في تشكيل الحكومة إلى عدم وجود حزبيّين فيها، فيما يقوم العمل السياسي في الدول والمجتمعات كلها في العالم على الأحزاب».
اللواء:
دخول عربي على خط نزع ألغام التأليف.. وأجواء إيجابية مع «الثنائي»
عبد العاطي يكشف عن اتصالات لسحب الاحتلال ضمن المهلة.. ومطالبة إيرانية تسهيل إقامة نازحين «سوريين – إيرانيين»!
تتاقطع حركة اتصالات دبلوماسية واسعة، عند منحدرات التفاهمات اللبنانية والدولية، سواءٌ على جبهة ما يجري في الجنوب، لجهة بدء العد العسكي لانتهاء مهلة الـ18 شباط (اسبوعان ويومان)، ومعرفة مآل الإلتزام الاسرائيلي هذه المرة بهذا الموعد، أو لجهة الجهود المبذولة سواءٌ على المستوى الرئاسي، لا سيما الرئيس المكلّف نواف سلام، الذي يحرص على صلاحياته الدستورية في اختيار الوزراء، بما يتناسب مع المعايير الأربعة التي حددها، لجهة عدم الانتماء الحزبي او الترشح للانتخابات النيابية او التسوية المباشرة من جهات حزبية.
واعلن وزير الخارجية الاميركي ماركو روبيو ان الخبر السار في الشرق الاوسط هو انه لدينا في لبنان حكومة نأمل ان تصبح اكثر قوة من حزب الله، وهناك وقف لاطلاق النار تم تمديده هناك.
وتتضح الصورة مع زيارة يزمع الرئيس المكلّف القيام بها الى بعبدا لوضع رئيس الجمهورية في آخر مجريات تذليل العقبات، وبالاضافة الى توقع ان يزور الموفد السعودي يزيد بن فرحان بعبدا، في اطار الدور السعودي الداعم للاسراع في عملية التأليف.
وأوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن تواصلاً سجل بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلّف تناول مشاورات التأليف على أن يزور سلام بعبدا بعد مناخ ايجابي ساد في الأجواء الحكومية ، لكن المصادر نفسها قالت أن هذا الجو يترجم عند تقديم التشكيلة الحكومية.
واعتبرت أن سكة الحكومة أضحت أكثر أمانا وهذا الأمر أصبح أكثر إلحاحا موضحة أن التعقيدات الأساسية عولجت وباقي البعض منها ، مشيرة إلى أن عبارة لا تقول فول ليصير بالمكيول ما تزال الأكثر اعتمادا في الواقع اللبناني.
وفي وقت أكدت فيه المعلومات التي نشرتها «اللواء» امس عن فيتو أميركي على توزير حزب الله.. والضغط الاميركي بهذا الاتجاه، عقد اجتماع بين الرئيس سلام، وممثلي الثنائي الشيعي، النائب علي حسن خليل (حركة امل) والحاج حسين خليل (حزب الله) ووصف الاجتماع «بالايجابي» وأن تفاهما حصل حول وزارة المالية، والوزارات الاخرى من الحصة الشيعية.
وذكرت بعض المصادر انه تم الاتفاق بين سلام والخليلين على ان يُسمى الوزير الشيعي الخامس بالاتفاق مع رئيسي الجمهورية والرئيس المكلّف.
ويواصل الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة نواف سلام مشاوراته لإنهاء عملية التأليف، وافادت مصادر اكثر من كتلة نيابية انه رفض بشكل مطلق اختيار اي جهة لأسماء الوزراء ولو ان القوى السياسية قدمت اسماء شخصيات غير نيابية أو حزبية لكنها تتمتع بإختصاصات علمية مهمة، وحسب ما تسرّب لـ«اللواء» من اجواء الكتل النيابية، شكت بعضها من ان سلام خرج عن تعهده بمنح كتلة الاعتدال الوطني حقيبة وزارية، ولم يبلغها اي قرار بالحقيبة ولا بالإسم، كما اختلف مع كتلة التوافق الوطني ورفض تلقي اي اسم منها مؤكداً انه سيسمي الوزراء لا سيما السنة جميعهم «وما بتكونوا إلّا مبسوطين»، بل انه اقترح اسم سيدة طرابلسية تعمل استاذة في الجامعة الاميركية ومن آل كرامي لكنها من جماعة المجتمع المدني. كذلك لم يتعهد لحزب الكتائب بأي امر، مع ان الحزب قدّم له في بداية التشاور اسماء شخصيات حزبية للتوزير فرفضها ثم قدم الحزب لائحة بأسماء غير حزبيين.
وفي هذا السياق قال عضو المكتب السياسي الكتائبي الوزير الاسبق الدكتورآلان حكيم لـ «اللواء»: نحن ندعم العهد الجديد وما يقرره رئيس الجمهورية برغم تحفظنا على طريقة مقاربة الرئيس سلام لتشكيل الحكومة، ونريد إنجاح العهد لتنفيذ ما ورد في خطاب القسم.لذلك لا طلبات محددة لدينا لكننا اقترحنا اسماء معينة غير حزبية من مذاهب مسيحية متعددة لا ندري اذا كان الرئيس سلام سيأخذ بها. ونحن نعتبر ان الضمانة الوحيدة «للكتائب» هي في شخص رئيس الجمهورية.
كذلك علمت «اللواء» ان سلام التقى مرتين اعضاء التكتل النيابي الاربعة الخارجين من التيار الوطني الحر، ولكنهم لم يأخذوا منه «لاحق ولا باطل»، وقالت مصادرهم انه يعاملنا كما يتعامل مع الكتل الاخرى.
وفي خلاصة أجواء معظم الكتل ان الرئيس سلام يميل الى توزير شخصيات من المجتمع المدني وهم من خصوم القوى السياسية، وانه سيختار الاسماء ويوزّع الحقائب، وذهبت مصادر احدى الكتل الى القول: ان سلام قد يتجه الى تشكيل حكومة امر واقع ويعرضها على رئيس الجمهورية ولو انها اثارت اعتراضات الكتل النيابية وحجبت الثقة عن الحكومة، فهو يعتقد انه بذلك يُحرج هذه الكتل امام الجمهور التوَّاق الى الخلاص وانطلاقة العهد بحكومة جديدة ووجوه جديدة غير تقليدية تنفذ برنامجه الحكومي. لكن تبقى المشكلة ان الحكومة ستكون على خلاف حاد مع المجلس النيابي الذي قد لا يتعاون معها بالشكل الكافي.
ويبدو حسب رأي مصادر بعض الكتل ان الرئيس سلام يراعي المزاج الدولي لا سيما الاميركي في تشكيل الحكومة، وهو المزاج الرافض تشكيل حكومة من القوى السياسية التقليدية او تمثلها لا سيما بعد المواقف الاميركية الصريحة بهذا الموضوع.
تأكيد لموقف أميركا: لا للحزب
وفي السياق وتأكيداً لما ورد في عدد «اللواء» امس، كشفت خمسة مصادر مطلعة أن واشنطن «تضغط على كبار المسؤولين اللبنانيين لمنع حزب الله أو حلفائه من ترشيح وزير المالية القادم للبلاد، في محاولة للحد من نفوذ الجماعة المدعومة من إيران على الدولة».
وقالت المصادر الخمسة: إن المسؤولين الأميركيين حريصون على رؤية هذا النفوذ يتضاءل مع تشكيل الرئيس المكلّف نواف سلام حكومة جديدة. وطلبت المصادر عدم الكشف عن هوياتها لأنها غير مخولة بالتحدث إلى الصحافة.
اضافت: إن المسؤولين الأميركيين نقلوا رسائل إلى سلام والرئيس اللبناني جوزاف عون، الذي حظي بدعم الولايات المتحدة عندما كان قائداً للجيش وجرى انتخابه رئيساً في أوائل كانون الثاني، مفادها أن حزب الله لا ينبغي أن يشارك في الحكومة المقبلة.!
الى ذلك، غادر السفير السعودي في بيروت وليد بخاري الى الرياض، وعلم انه سيعود برفقة موفد المملكة يزيد بن فرحان، المسؤول عن الملف اللبناني في الديوان الأميري.
دعم مصري تجدّد لبنان
وعلى صعيد التحرك العربي باتجاه لبنان، تركزت زيارة وزير الخارجية المصري بدر احمد عبد العاطي على نقل رسالة دعم لبنان من الرئيس عبد الفتاح السيسي، ومساندته في تخطي تبعات الحرب الاسرائيلية الأخيرة والمشاركة في عملية اعادة الاعمار.
والتقىالوزير المصري الرؤساء جوزاف عون، ونبيه بري ونجيب ميقاتي والرئيس المكلّف نواف سلام ووزير الخارجية ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع.
واكد الرئيس عون للوزير المصري ان لبنان متمسك بانسحاب اسرائيل من الاراضي التي احتلتها خلال الحرب الأخيرة ضمن المهلة الممدة الى حين 18 شباط، مشيرا الى ان لبنان يرفض المماطلة في الانسحاب تحت أي ذريعة، ومطالبا باعادة الاسرى اللبنانيين الذين اعتقلتهم اسرائيل خلال هذه الحرب المدمرة على لبنان.
وكشف وزير الخارجية المصري العاطي ان بلاده تُجري اتصالات على اعلى المستويات، بهدف تنفيذ القرار 1701 وتثبيت وقف اطلاق النار.
واكد ان مصر تتطلع الى سرعة الانتهاء من تشكيل الحكومة اللبنانية بقيادة دولة الرئيس نواف سلام حتى يستكمل لبنان مؤسساته واستحقاقاته ويتم التفرغ لاعادة الاعمار وليعود لبنان مركزا للاشعاع الحضاري والثقافي والفني والاقتصادي والمالي في المنطقة العربية».
وقال الوزير المصري بعد لقاء الرئيس سلام: متفائلون خيرا بوجود شخصيتين الأولى قيادية وحكيمة متمثلة بالرئيس جوزاف عون والثانية هي صاحب الخبرات الدولية الرئيس المكلّف نواف سلام ونأمل تلبية كل طموحات الشعب اللبناني».
وتابع: «تشكيل الحكومة ملكية وطنية لبنانية ونحن على ثقة في حكمة الرئيس المكلف ونتمنى ان يتم التوافق على حكومة تلبي طموحات اللبنانيين. نأمل بتشكيل الحكومة قريباً كي تستطيع بالتعاون مع الرئيس جوزاف عون التفرّغ لإعادة الإعمار وفرض الأمن والاستقرار».
ومن عين التينة قال عبد العاطي: أكدنا على الأهمية البالغة لسرعة تكليف الحكومة وتشكيلها حتى تتولى مواجهة التحديات التي يواجهها الشعب اللبناني خاصة ونحن نعيش في هذا الوضع الإقليمي المضطرب للغاية، وبالتالي لا بد أن تكون هناك حكومة لبنانية بتوافق لبناني، حكومة توافقية تعكس التوافق تعكس التوافق بين كل الشعب اللبناني الشقيق بكل طوائفه ومناحله وتوجهاته.
وقال جعجع، بعد اجتماعه مع الوزير المصري، برفقة السفير علاء موسى انه حزبه سيشارك في الحكومة، من خلال اختيار شخصيات حزبية او اكاديمية او اختصاصيين، مؤكدا على تأليف الحكومة بأقرب وقت، ولكن من دون تسرع، لا سيما ان الشعب اللبناني يستحق حكومة على قدر تطلعاته. مميزاً بين احزاب لا غبار عليها كالقوات وحزبي الكتائب والكتلة الوطنية، ولم يرَ مانعاً من اعطاء المالية للثنائي، نظرا للظروف المحيطة واستثنائيا هذه المرة، ولكن ليس لأي اسم يرتبط بالثنائي.
ونُقل عن رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع اعلان رفضه للاستغناء عن الوزراء المنتمين الى احزاب.
الغارات تتوسَّع
جنوباً، عرض الرئيس عون، التطورات في الجنوب مع كل من قائد الجيش بالإنابة اللواء الركن حسان عودة ومدير المخابرات العميد الركن طوني قهوجي، وقد طلب الرئيس عون من قائد الجيش بالإنابة تفقّد الجنوب والاطّلاع على الوضع ميدانياً وانتشار الجيش هناك.
ميدانياً، توسعت الغارات الاسرائيلية، لتمتد الى جنتا في البقاع، ووادي خالد، مما ادى الى سقوط شهيدين و10 من الجرحى.
وتحدثت وسائل الاعلام الاسرائيلية انه تم اعتراض هدف «جوي مشبوه» في منطقة زرعيت فوق الجليل الغربي.
ونفذ جيش الاحتلال تفجيراً في بلدة كفركلا وأشعل جنوده النيران في منازلها، كما احرقوا منازل في بلدة عيتا الشعب.
لكن اهالي بلدة مروحين الحدودية دخلوا الى بلدتهم وأدّوا الصلاة على ركام منازلهم.
وحسب معلومات ميدانية، دأب العدو الصهيوني منذ انتهاء هدنة الـ 60 يوما وانسحابه من بعض البلدات التي غزاها بعد وقف اطلاق النار على ارتكاب اعتداءات تمثل خرقا فاضحا للقرار الدولي حيث لم يتوقف عن اطلاق النار بالرصاص والغارات والتفجيرات وكان آخرها هبّة الإعتداءات بالمحلّقات والقنابل المتفجرة والتي تركزت خلال الايام الماضية على الجرافات والحفارات وآليات البوبكات التي نشطت في البحث عن جثامين الشهداء من تحت ركام بعض الابنية وتسبب ذلك في اعطاب عدد كبير منها او احراقها كما حصل في طلوسة وبني حيان والطيبة ويارين وادى ذلك الى اعاقة عمليات البحث عن الشهداء.
تشييع السيد نصر الله
وبعد 5 ايام من انتهاء مهلة 18 شباط، يشيع حزب الله جثمان امينه العام السيد حسن نصر الله ورئيس المجلس التنفيذي السيد هاشم صفي الدين، وذلك يوم 23 شباط الجاري.
إهتمام إيراني بنازحين سوريين
وفي تطور جديد، بحث نائب وزير خارجية ايران للشؤون القنصلية وحيد جلال زادة مع الرئيس بري والوزير بوحبيب والمدير العام للامن العام بالانابة العميد الياس البيسري، احتضان الحكومة اللبنانية للأخوة السوريين الذين نزحوا نتيجة المستجدات إلى لبنان من سوريا علما ان عددا منهم هم من أصول إيرانية ايضا….وطلبنا منهم ان يكون هناك تعاونا وثيقا وبناء في تقديم افضل العناية اللازمة التي يحتاجون اليها».
البناء:
تبادل رابع في غزة: 3 أسرى مقابل 183 منهم 72 من الأحكام العالية والمؤبدات
المقاومة الإسلامية في سورية تعلن أولى عملياتها في القنيطرة.. والاحتلال يعترف
إشكالية تمثيل القوات تعطّل ولادة الحكومة بينما سائر العقد باتت بمتناول سلام
كتب المحرّر السياسيّ
بينما صدرت تصريحات لافتة جديدة عن الرئيس الأميركي صاحب المفاجآت دونالد ترامب، تتوقع واشنطن وصول رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الاثنين للقاء الرئيس ترامب الثلاثاء، حيث تقييم مسار اتفاق وقف إطلاق النار في كل من لبنان وغزة، إضافة لمشروع الانسحاب الأميركي من سورية وربما من العراق استطراداً وانعكاسات ذلك على الأمن الإسرائيلي وكيفيّة تحصين هذا الأمن بإجراءات بديلة. أما مفاجآت ترامب فقد تضمّنت تصريحات تنفي الرفض المصريّ والأردنيّ العلنيّ لدعوته استقبال سكان قطاع غزة والمشاركة في تهجيرهم من جهة، والكشف عن مفاوضات جادّة تجري مع روسيا حول أوكرانيا.
في اتفاق غزة الذي يسير يوماً بيوم مع التهديدات الإسرائيلية المتواصلة بتجميده وتعليقه، إعلان عن عملية تبادل جديد اليوم تفرج خلالها المقاومة عن ثلاثة أسرى إسرائيليين مقابل إفراج الاحتلال عن 183 أسيراً فلسطينياً، منهم 18 من أصحاب المؤبدات و54 من أصحاب الأحكام العالية و11 من معتقلي ما بعد طوفان الأقصى في غزة.
في سورية، كان الحدث بصدور البيان الأول للمقاومة الإسلامية في سورية عن تنفيذ أولى عمليّات المواجهة مع قوات الاحتلال التي توغّلت قرب القنيطرة، وقد اعترفت إذاعة الجيش الإسرائيلي بالعملية، وقال مراسل الإذاعة إن «هذه هي المرة الأولى التي تُطلَق فيها النيران باتجاه قواتنا بعد شهرين من التجوّل بحريّة في سورية. من السابق لأوانه معرفة ما إذا كانت هذه بداية مقاومة مسلحة ضد أنشطة الجيش الإسرائيلي في سورية، ولكن من المؤكد أن هذا الحادث يجب أن يكون مزعجًا للغاية».
في لبنان تتواصل الاعتداءات الإسرائيلية جنوباً في انتهاك متمادٍ لاتفاق وقف إطلاق النار، وتلتزم المقاومة بموجبات الاتفاق ومطالبة الحكومة بتحمّل مسؤوليّتها وتحميل الرعاة الدوليين مسؤولياتهم، بينما انشغلت الأوساط المتابعة بإعلان أميركي بتعيين مورغان ديان أورتاغوس في منصب الوسيط الرسميّ بين لبنان و»إسرائيل» خلفاً للوسيط الأميركي أموس هوكشتاين والمعروف عن أورتاغوس تأييدها الواضح والمطلق لـ»إسرائيل».
في المسار الحكومي يتوقع وصول المبعوث السعودي منتصف الأسبوع بالتزامن مع حلحلة في مسارات التأليف، رغم الضغوط الأميركية لاستبعاد تمثيل حزب الله، حيث تنحصر العقدة في تمثيل القوات اللبنانية، كما كشفت تصريحات لرئيس حزب القوات سمير جعجع تحدّث خلالها بلغة احتجاجية على طريقة تشكيل الحكومة رافضاً قبول أن يطبق على القوات ما يطبق على الآخرين لجهة توزير غير الحزبيين من جهة، رافضاً المساواة بين حزبه وسائر الأحزاب، ونظرية المعايير الموحّدة.
فيما تمّ إرجاء زيارة الموفد السعودي المكلف بالملف اللبناني يزيد بن فرحان التي كانت متوقعة أمس، إلى بيروت وحضر زير خارجية مصر بدر أحمد عبد العاطي في زيارة هي الأولى إلى بيروت، حملت أجواء كواليس التفاوض على خط تأليف الحكومة بعض المؤشرات الإيجابية في ظل تكثيف الرئيس المكلف القاضي نواف سلام حركته واتصالاته مع القوى السياسيّة ومع رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، غير أن المشهد الجنوبيّ بقي في الواجهة في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي باعتداءاته على لبنان من الجنوب وصولاً إلى البقاع، ما يضع هذه الخروق للقرار 1701 واتفاق وقف إطلاق النار وفق مصادر سياسية لـ»البناء» برسم لجنة الإشراف الدولية على تطبيق اتفاق الهدنة، وأيضاً برسم الدولة اللبنانية المطالبة باتخاذ موقف وإجراءات دبلوماسية وسياسية وأمنية وعسكرية لمواجهة العربدة الإسرائيلية اليومية في لبنان. ورأت المصادر أن استهداف الاحتلال الإسرائيلي البقاع (جنتا – الشعرا)، هو محاولة لتوسيع قواعد الاشتباك من جنوب الليطاني في الجنوب فإلى النبطية وصولاً إلى البقاع لفرض حرية الحركة العسكرية لطائراته على كامل الأراضي اللبنانية، وبالتالي فرض تفسير حكومة الاحتلال لاتفاق وقف إطلاق النار بالقوة وبالنار. وحذرت المصادر من أن «استمرار هذه الاعتداءات وبقاء قوات الاحتلال في بعض القرى والتلال في الجنوب سيعرّض اتفاق الهدنة الى الخطر وسيشرّع عمل المقاومة الشعبية لمواجهة الاحتلال الجديد وللدفاع عن القرى الحدودية».
وفي سياق ذلك، أكد عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب إبراهيم الموسوي أن قيام قوات العدو «الإسرائيلي» بعدوان جويّ إجراميّ في عمق الأراضي اللبنانية أي في البقاع، أدّى إلى ارتقاء شهداء جدد وسقوط جرحى، ويشكّل انتهاكًا شديد الخطورة، وعدوانًا فاضحًا وصريحًا يخرق الإجراءات التنفيذية للقرار 1701، وهو ما يضع الجهات المسؤولة المعنية والضامنة لتنفيذ الاتفاق أمام مسؤولياتها في التصدّي الحازم لانتهاكات العدو على السيادة اللبنانية.
ورأى أن الدولة اللبنانيّة ممثلة برئاسة الجمهورية والحكومة والجيش مطالبة بالتحرّك الفوريّ وبكافة الوسائل المتاحة لوضع حدّ سريع لانفلات الإجرام الصهيوني ووقف هذه الاستباحة المستمرة لدماء اللبنانيين ولسيادة الدولة على أراضيها. وشدّد على أن تواصل الاعتداءات الإجرامية ضد لبنان واللبنانيين من جانب العدو دون قيام المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات عقابية رادعة أو إدانة العدو وإلزامه باحترام الاتفاقات والتفاهمات المتفق عليها يُعدُّ تشجيعًا له على الاستمرار في أعمال العدوان يصل إلى حد القبول الضمنيّ والتواطؤ معه في سياسة القتل والتدمير والتجريف وانتهاك السيادة، وهو أمر مدان بالكامل كما يتعارض مع أبسط مبادئ احترام سيادة الدول وحماية شعوبها وممتلكاتها.
وتشير مصادر دبلوماسيّة أوروبيّة لـ»البناء» الى أن لا مبررات لبقاء القوات الإسرائيلية في الجنوب ولا للاعتداءات المتكرّرة على القرى وسكانها العائدين اليها، وبالتالي هذه الممارسات الإسرائيلية تعرض اتفاق الهدنة الى الخطر وتفتح الباب أمام عودة التوتر إلى الحدود والمواجهات العسكرية بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي وبالتالي سقوط اتفاق وقف إطلاق النار».
وفي سياق ذلك، تشير جهات معنية في قوات اليونيفيل في الجنوب لـ»البناء» الى أن أداء الجيش اللبناني خلال مواكبة عودة أهالي الجنوب الى قراهم جيد ومتوازن لجهة فتح الطرقات وتسهيل مرور المواطنين فور انسحاب القوات الإسرائيلية منها، وذلك حرصاً على سلامة المواطنين وتأكيداً على حقهم بالعودة، بموازاة ذلك كانت قوات اليونيفيل تقدم المساعدة للجيش اللبناني لتنفيذ هذه المهمة».
وشدّدت الجهات على أن الجيش اللبنانيّ يقوم بكامل واجباته المنصوص عنها في القرار 1701 واتفاق وقف إطلاق النار، وهو ينتشر فوراً بكافة النقاط والمناطق التي تنسحب منها القوات الإسرائيلية، ويقوم بمداهمة مئات من مخازن السلاح والأنفاق في جنوب الليطاني، وبالتالي كلام الجيش الإسرائيلي عن تباطؤ انتشار الجيش وعدم قيامه بمسؤولياته هو ذريعة لبقاء قواته وممارساته ضد قرى وأهالي الجنوب واستمرار استهدافه لمناطق لبنانية أخرى. وحمّلت الجهات الحكومة الإسرائيلية وقيادة الجيش الإسرائيلي في شمال «إسرائيل»، مسؤولية الخروق للاتفاق وتعريضه للخطر واحتمال عودة الاشتباكات الى الحدود. وشددت على أن اتفاق وقف إطلاق النار يشمل فقط منطقة جنوب الليطاني وليس شمالها، وبالتالي اللجنة الدولية المكلفة مراقبة تطبيق الاتفاق تقوم بعملها داخل منطقة جنوب الليطاني لا سيما أن اليونيفيل عضو في هذه اللجنة وهي تستمر بعملها المكلفة به وفق القرار 1701 منذ العام 2006 حتى الآن ولم تكلف بمهمات أمنية وغير أمنية خارج منطقة الليطاني.
ميدانياً، واصل العدو الإسرائيلي خروقه لاتفاق وقف إطلاق النار، وأحرق ما تبقى من منازل في بلدة كفركلا. وأفادت قناة «المنار» بأن «الجيش الإسرائيلي أطلق قنابل مضيئة فوق أجواء منطقة تل النحاس شمالي بلدة كفركلا واستهدف محيطها برشقات رشاشة.»
وكان جيش الاحتلال ادعى أنّه «تم إطلاق صاروخ اعتراضي على هدف جوي مشتبه به في مستوطنة زرعيت، وذلك عند الحدود مع لبنان، وأنّ التفاصيل قيد التحقيق». ولم يصدر عن ذلك أي بيان لاحق.
وللمرة الأولى منذ إبرام اتفاق وقف إطلاق النار، شنّت طائرات الاحتلال فجر أمس الأول، غارات على مواقع بين منطقتي جنتا والشعرة عند الحدود اللبنانية – السورية، جهة القصر. وأعلن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة بيان، سقوط ضحيتين هما: عباس الموسوي من بلدة النبي شيت، ووسام البرجي من بلدة علي النهري، وإصابة 10 أشخاص بجروح.
وزعم المتحدّث باسم جيش العدو أفيخاي أدرعي، «أن من بين الأهداف التي تم استهدافها موقع عسكري يضم بنى تحتية تحت الأرض لتطوير وإنتاج وسائل قتالية بالإضافة إلى بنى تحتية للعبور على الحدود السورية – اللبنانية، تستخدمها منظمة حزب الله الإرهابية لمحاولة تهريب الأسلحة إليها».
وادعى أدرعي أن جيش الاحتلال «يظل ملتزمًا بالتفاهمات التي تمّ التوصل إليها بشأن وقف إطلاق النار في لبنان، ولن يسمح بتنفيذ مخططات إرهابية من هذا النوع وأنه منتشرٌ في منطقة جنوب لبنان، وسيواصل العمل على إزالة أي تهديد ضد دولة «إسرائيل» وقواتها».
على المستوى الرسمي، تابع رئيس الجمهورية الوضع في ضوء التطورات الأخيرة. واستقبل قائد الجيش بالإنابة اللواء الركن حسان عودة، واطلع منه على التقارير المتعلقة بالوضع في الجنوب وطلب منه تفقده والاطلاع على الوضع ميدانياً فيه لا سيما بعد انتشار وحدات الجيش. والوضع في الجنوب كان أيضاً مدار بحث بين الرئيس عون ومدير المخابرات العميد الركن طوني قهوجي.
دولياً، اعتبر وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، في مقابلة مع الصحافية الأميركية ميغين كيلي، أن «الخبر السار في الشرق الأوسط هو أنه لدينا في لبنان حكومة نأمل أن تصبح أكثر قوة من حزب الله، وهناك وقف لإطلاق النار تمّ تمديده هناك والذي سيؤدي في النهاية إلى ذلك. في سورية، استولت مجموعة على السلطة».
وفي سياق ذلك، نقلت وكالة «رويترز» عن مصادر مطّلعة قولها إنّ المسؤولين الأميركيين نقلوا رسائل إلى رئيس الحكومة المكلف نواف سلام ورئيس الجمهورية جوزاف عون مفادها أن «حزب الله لا ينبغي أن يشارك في الحكومة المقبلة». وكشفت المصادر أن «واشنطن تضغط على كبار المسؤولين اللبنانيين لمنع حزب الله أو حلفائه من ترشيح وزير المالية القادم للبلاد». وأشارت هذه المصادر إلى أن «المسؤولين الأميركيين حريصون على رؤية نفوذ حزب الله يتضاءل مع تشكيل رئيس الوزراء اللبناني المكلف نواف سلام حكومة جديدة».
وفي السياق، أفادت «رويترز» بأن ثلاثة من المصادر قالوا إن «رجل الأعمال اللبناني الأميركي مسعد بولس، الذي عيّنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب مستشاراً لشؤون الشرق الأوسط، كان أحد الأشخاص الذين نقلوا هذه الرسالة إلى لبنان». وأشار أحد المصادر المطلعة للوكالة إلى أن «هناك ضغوطاً أميركية كبيرة على سلام وعون لقصّ أجنحة حزب الله وحلفائه».
وعلّقت أوساط نيابية لـ»البناء» على هذه المعلومات بالقول «هذا خير دليل على أن من يعطّل تأليف الحكومة هو الضغط الخارجي لتقليص تمثيل الثنائي الوطني حركة أمل وحزب الله في الحكومة والتماهي الداخلي من كتلة القوات اللبنانية وبعض النواب التغييريين، وليس حصة الثنائي ولا وزارة المالية»، مشيرة الى أن تماهي هذه الأطراف مع الضغط الخارجي لإقصاء مكوّن داخلي أساسي في معادلة الشراكة والتوازن في السلطة والحكم يؤكد تبعية هؤلاء العمياء للخارج كما حصل في استحقاقي رئاسة الجمهورية والتكليف.
وجددت مصادر الثنائي الوطني تأكيدها لـــ»البناء» تمسكها بالتمثيل الحقيقي للثنائي في الحكومة وفق نتائج الانتخابات النيابية، وكذلك بمبدأ الشراكة في الحكم وبالميثاقية، مع انفتاحها الكامل للتعاون مع الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية لتسهيل التأليف علماً أن العقدة ليست عند الثنائي حيث تم التفاهم مع الرئيس المكلف والرئيس عون، لكن العقد في مكان آخر.
وأشار رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بعد لقائه وزير خارجية مصر بدر عبدالعاطي الى أنّه «ليس مقبولًا أن تكون حقيبة معيّنة مخصّصة لطائفة معيّنة، ونحن هذه المرّة مع إعطاء حقيبة الماليّة للطّائفة الشّيعيّة ولكن ليس لحركة «أمل» و»حزب الله»، وهناك اختصاصيّون بإمكانهم تولّي هذه الوزارة».
بدوره، ردّ عضو كتلة «التّنمية والتّحرير» النّائب هاني قبيسي، على جعجع، بالقول: «في كل يوم يتجدد كلامكم عن الدولة كأنك رئيس جمهوريتها وعن الحكومة وكأنك المكلف بتشكيلها، عن العهد الماضي وأنت شريك بإنتاجه، عن الدراجات النارية المرفوضة وأنت مَن استدعيتها حين وصفتها (بسكلاتات)».
وقال: «كفى ذراً للرماد في العيون، فأنت لا تستطيع أن تحدد موقعنا، وكأنك تترجم نتائج الحرب علينا بسياسة داخلية تكملها».
وأفادت مصادر إعلاميّة بأنّ رئيس الحكومة المكلف نواف سلام زار قصر بعبدا مساء أمس بعيدًا عن الإعلام في لقاء تشاوري حول التشكيلة الحكومية، مع الرئيس جوزاف عون. كما أفادت عن لقاء عُقد بعد ظهر أمس، بين عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب علي حسن خليل والمعاون السياسيّ للأمين العام لحزب الله حسين خليل مع رئيس الحكومة المكلف نواف سلام. ووفق مصادر الثنائي فقد تمّ تثبيت ياسين جابر للمالية ولم يبدِ سلام اعتراضاً، وأن الاجتماع مع سلام كان مثمراً حيال النقاش في الحقائب الخمس وآلية التسمية.
على صعيد آخر، نقلت صحيفة «يديعوت احرنوت» عن وسائل إعلام تأكيدها أن قضية الباحثة الإسرائيلية الروسية إليزابيث تسوركوف التي اختطفت في العراق قبل عامين قيد البحث، مشيرة إلى أنه «تم عرض صفقة لإطلاق سراحها مقابل إطلاق سراح مقاتلي حزب الله المحتجزين في السجون الإسرائيلية».
أمنياً، أفيد أن الأمن العام اللبناني تبلّغ رسميًا من الجهات السورية أنّ الحدود البرية عند نقطة المصنع ستكون مقفلة يوميًا بين الساعة ١١ ليلًا والخامسة فجرًا بتوقيت بيروت وهو إجراء متّبع عند كل المعابر البرية لسورية.
في المقابل، أعلنت الخطوط الجوية الفرنسية عن استئناف رحلاتها من بيروت وإليها ابتداءً من يوم غد.
على مقلب آخر، تقدّم حزب الله من الإخوة المجاهدين في حركة حماس ومن جميع فصائل المقاومة الفلسطينية العزيزة ومن الشعب الفلسطيني الصابر والمجاهد بأحرّ التعازي والتبريكات باستشهاد قائد هيئة أركان «كتائب القسام» محمد الضيف وثلة من رفاقه الكبار من أعضاء المجلس العسكري، ويخصّ بالتعازي عائلاتهم الشريفة سائلًا الله تعالى أن يمُنّ عليهم بالصبر والسلوان وعظيم الأجر.
وقال: إنّنا نُعلن اعتزازنا بهؤلاء القادة الشرفاء الذين بقوا في ميدان الجهاد والمقاومة حتى آخر لحظات عمرهم، وقدّموا لشعبهم كل ما استطاعوا دفاعًا عن كرامته وفي سبيل استعادة حريته واستقلاله، وعلى رأسهم القائد الكبير محمد الضيف الذي أفنى عمره في مُقارعة العدو الإسرائيلي المحتل وأذاقه طعم الهزيمة لا سيما في معركة طوفان الأقصى والتي كان أبرز مهندسيها وقادتها في الميدان، وسيبقى وإخوانه رمزًا للأحرار الذين سيكملون طريق المقاومة.
المصدر: صحف
0 تعليق