لطالما كان محرك بحث جوجل الخيار الأول للبحث عن المعلومات عبر الإنترنت، ولكن الأمور بدأت تتغير مع ظهور روبوتات الذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT و Perplexity و Grok التي تقدم إجابات مفصلة ومخصصة.

ووفقًا لدراسة حديثة أجرتها Future Publishing على أكثر من 1000 مشارك من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، أشار ما تبلغ نسبته 27% من الأمريكيين إلى أنهم بدأوا باستخدام روبوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي بدلًا من محركات البحث التقليدية.

وتوقعت دراسة من Gartner أنه بحلول عام 2026، سيعالج المساعدون الذكيون ما تبلغ نسبتها 30% من عمليات البحث عبر الإنترنت.

ولكن لماذا يحدث ذلك؟ وهل هذا يعني أن عصر هيمنة جوجل على البحث يقترب من نهايته؟

لماذا يفضل المستخدمون البحث المدعوم بالذكاء الاصطناعي؟

توفر روبوتات الذكاء الاصطناعي العديد من المزايا التي تجعلها أفضل خيار لدى الكثيرين عندما يتعلق الأمر بالبحث عبر الإنترنت،  وأبرزها:

توفير الوقت والجهد

يتطلب البحث التقليدي عرض صفحات تتضمن عدة روابط للوصول إلى المعلومة المطلوبة، وأما أدوات الذكاء الاصطناعي فتقدم إجابة مباشرة وشاملة خلال ثوانٍ.

على سبيل المثال: إذا واجه المستخدم مشكلة في هاتف آيفون بسبب ارتفاع درجة الحرارة، قد تعرض له نتائج جوجل الصفحات الخاصة بتقديم الدعم التقني لمستخدمي آيفون، ومناقشات على Reddit، ومقالات تحتوي على حلول عامة. في المقابل، يمكن لروبوت دردشة مثل ChatGPT تقديم تفسير واضح لأسباب المشكلة واقتراح حلول مناسبة بناءً على طراز الهاتف وإعداداته الحالية.

سهولة الاستخدام والتفاعل بطريقة طبيعية

على عكس محركات البحث التقليدية التي تعتمد على الكلمات المفتاحية والصيغ المعقدة لتقديم نتائج دقيقة، يمكن لأدوات الذكاء الاصطناعي فهم الأسئلة المكتوبة بطريقة طبيعية وتقديم ردود تشبه المحادثات البشرية؛ مما يجعل البحث أكثر سهولة وسلاسة.

على سبيل المثال: إذا أراد شخص البحث عن “أفضل الوجهات السياحية في اليابان خلال شهر أبريل”، سيعرض محرك بحث جوجل قائمة من المواقع التي تحتوي على معلومات متفرقة. وأما ChatGPT، فيمكنه تقديم توصيات مخصصة بناءً على رغبات المستخدم، مثل البحث عن أماكن أقل ازدحامًا أو مطاعم تناسب رغباته.

فهم السياق والتكيف مع احتياجات المستخدم

المزية الأبرز التي توفرها أدوات الذكاء الاصطناعي هي القدرة على التفاعل الديناميكي مع المستخدم؛ إذ يمكنها تذكر الأسئلة السابقة وتقديم إجابات مخصصة بناءً على المحادثة.

على سبيل المثال: إذا كان المستخدم يبحث عن إستراتيجيات للاستثمار في الأسهم، سيحصل عبر جوجل على مجموعة من المقالات والروابط المختلفة، وأما ChatGPT فسيقدم له نصائح تناسب مستوى خبرته، سواء كان مبتدئًا أو مستثمرًا محترفًا.

تقديم تفسيرات عميقة

تتفوق روبوتات الذكاء الاصطناعي على محرك بحث جوجل عندما يتعلق الأمر بشرح المفاهيم المعقدة وتقديم حلول مفصلة. فقد أشار العديد من المشاركين في الدراسة إلى أنهم يفضلون البحث باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي؛ لأنها توفر لهم فهمًا أعمق للموضوعات التي يبحثون عنها.

على سبيل المثال: إذا كان المستخدم يرغب في تعلم البرمجة، يمكن لروبوت الذكاء الاصطناعي تقديم دروس تفاعلية تناسب مستواه الحالي في البرمجة، أو مساعدته في كتابة كود وتصحيحه خطوة بخطوة.

التحديات التي تواجه البحث المدعوم بالذكاء الاصطناعي

ما يزال البحث باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي يواجه بعض التحديات حتى مع المزايا العديدة التي يقدمها، وأبرزها:

• مصداقية المعلومات: بعض أدوات الذكاء الاصطناعي قد لا توفر دائمًا مصادر دقيقة لمعلوماتها؛ مما يجعل المستخدمين بحاجة إلى التحقق من صحة المحتوى بأنفسهم.
• الخصوصية: مع تخزين بعض روبوتات الدردشة للمحادثات، قد يشعر بعض المستخدمين بأن البحث عبر محرك بحث جوجل أكثر أمانًا.
• الأخطاء: أدوات الذكاء الاصطناعي قد تقدم أحيانًا معلومات غير دقيقة أو مُضللة.

كيف تتعامل جوجل مع هذا التغيير؟

تدرك جوجل أن البحث المدعوم بالذكاء الاصطناعي أصبح منافسًا قويًا لمحرك البحث الخاص بها، ولهذا أطلقت مزية AI Overviews التي تهدف إلى تحسين تجربة البحث عبر تقديم ملخصات للإجابات بدلًا من مجرد عرض روابط لصفحات الويب. كما تعمل الشركة على تطوير روبوت Gemini باستمرار لمنافسة روبوت ChatGPT، لكنه لم يحقق حتى الآن مستوى التفاعل ذاته والثقة لدى المستخدمين.

مستقبل البحث عبر الإنترنت

يشير التحول نحو البحث باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي إلى أن مستقبل البحث عبر الإنترنت لن يقتصر فقط على إيجاد المعلومات، بل سيتطور ليشمل تنفيذ المهام أيضًا. فبدلًا من البحث عن أفضل العروض الفندقية، قد يتمكن المستخدم قريبًا من حجز الفندق مباشرة من خلال محادثة مع روبوت الذكاء الاصطناعي.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط