يا أهل غزة.. لا تنتظروا القمة - اخبارك الان

0 تعليق ارسل طباعة
جو 24 :

تُعدّ القضية الفلسطينية من أبرز القضايا التي تجمع العالم العربي، حيث تُعتبر فلسطين قلب القضايا القومية. ومع ذلك، تُواجه هذه القضية تحديات كبيرة، خاصةً في ظل التباين الواضح في مواقف الدول العربية تجاهها. تتوالى القمم العربية، وتُصدر البيانات الداعمة، لكن غالبًا ما تظل هذه المواقف حبرًا على ورق، دون خطوات عملية ملموسة.

في كل أزمة عربية، تتكرر نفس المسرحية: الإعلان عن قمة طارئة، ثم انتظار طويل لعقدها، وعند انعقادها، لا نجد سوى بيانات خجولة لا تحمل أي تأثير حقيقي. في وقت يُتخذ فيه القرار الدولي خلال ساعات أو أيام، تبقى الدول العربية عالقة في دائرة "المشاورات والتنسيق"، حتى تفقد القمة أهميتها ..وتصبح كلعبة الورق صُراخ ومضيعةً للوقت أو تفرض قوى أخرى حلولها على الأرض.

الاتحاد الأوروبي اجتمع بشكل عاجل واتخذ قرارات مصيرية بخصوص الحرب في أوكرانيا، والاتحاد الإفريقي لم يتردد في عقد اجتماعات فورية واتخاذ قرارات جريئه واستراتيجيه بخصوص قضيه التهجير لأهل غزه والمطالبه بإعمار غزة على نفقة اسرائيل( العرب كُرمأ تبرعوا باعمارها على نفقتهم) وتحدى قرار ترمب وتهديداته , ..ورفعوا شكوى لمحكمة العدل الدوليه ضد الكيان الصهيوني وفعلوا ماعجز عن فعله المُلهمين والذين أنعم الله علينا بقيادتهم من زعماء العرب والمسلمين, دون ضجه اعلاميه ولاتطبيل ولا تزميركأبواق الأنظمه العربيه . أما في العالم العربي، فالقمة الطارئة قد تحتاج إلى أسابيع من الإعداد، رغم أن الدول التي تدعو إليها نفسها تصفها بـ"الطارئة" …ويبدأ الردح والمدح قبل أن ترى النور! والسؤال المزمن المحزن المخجل لماذا هذا التردد والتأخيرعندما (تصيح صايحه العرب) لعقد القمه؟.

التأخير المدمن للقمة العربية ليس مجرد خلل تنظيمي، بل هو نتيجة طبيعية لمجموعة العوامل التي تعكس الواقع السياسي العربي المؤلم المُريع المريب. وأول هذه العوامل هو تضارب المصالح بين الدول العربية وتضادها، حيث لكل دولة حساباتها الخاصة(بالسوق أو بالصندوق)، فبعضها يسعى لاتخاذ مواقف تجاه العدوان الإسرائيلي، بينما تفضل أخرى مسارات بلغه دبلوماسية (العبد للسيد)، حفاظًا على( الأرائك والنمارق) وعلاقاتها مع القوى الكبرى، مما يعرقل أي محاولة للوصول إلى موقف عربي موحد.

إلى جانب ذلك، هناك ضغوط خارجية من القوى الكبرى، حيث تمتلك العديد من الدول العربية علاقات استراتيجية مع الولايات المتحدة وأوروبا(يسمونهم حلفاء لأكل الحلاوه بالعقول)، وأي موقف عربي قوي تجاه القضية الفلسطينية قد يُعرّض تلك العلاقات لإختبارات مفصليه، مما يدفع بعض الدول إلى التردد في اتخاذ قرارات تُفسّر على أنها مواجهة مع الحلفاء الدوليين وصِدامات سياسيه غير محسوبه . يضاف إلى ذلك الخوف من التبعات الداخلية، حيث ترى بعض الأنظمة العربية في تصعيد الموقف بشأن غزة خطرًا على استقرارها الداخلي، سواء بسبب الضغوط الشعبية أو خشية أن يؤدي اتخاذ مواقف جريئة تؤدي إلى تصعيد سياسي داخلي لا ترغب فيه تلك الدول.كما أن ضعف الإرادة السياسية وغياب آليات التنفيذ يجعل القمم العربية مجرد لقاءات شكلية قد تُكرّس الخلافات ولاقيمةلها، فعلى عكس الاتحاد الأوروبي أو الإفريقي، لا تمتلك جامعة الدول العربية آليات تُجبر الدول الأعضاء على الالتزام بأي قرارات تُتخذ في القمة، مما يجعلها بلا تأثير عملي حقيقي. وليس هذا فحسب، بل إن هناك أطرافًا عربية( متناغمه ومتماهيه) مع الاحتلال، لاتكتفي بالمماطلة أو الحياد، بل تعمل بشكل مباشر أو غير مباشر على دعم مشاريع تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية، سواء من خلال التطبيع والتلميع أو عبر المشاركة في خطط اقتصادية وأمنية تصب في مصلحة إسرائيل … ومنهم من رهن بنيته التحتيه لامريكا واسرائيل، مما يجعل هذه الأنظمة أحد أكبر العوائق أمام اتخاذ موقف عربي موحد.

حتى عندما يتم تجاوز هذه العوائق وعقد القمة، فإنها غالبًا ما تنتهي بقرارات فضفاضة غير مُلزمة لاتعدل الحبر والورق الذي (ظُلم بسواد وجهه) الذي كتب به وعليه، مع وعود بعقد اجتماعات لاحقة لمتابعة التنفيذ، وهو نمط متكرر لإضاعة الوقت والحقوق منذ عقود لإعطاء انطباعاًبالتحرك وامتصاص غضب الشعوب بينما يبقى الواقع على حاله. .

وليس من قبيل المبالغة أن نشبّه القمة العربية (بـرجعة مهدي الشيعه المنتظر"عجل")، فكما ينتظر البعض ظهور المهدي ليغير الواقع، ينتظر البعض الآخر انعقاد القمة العربية وكأنها ستحدث تغييرًا جذريًا في مسار القضية الفلسطينية. والفارق أن الإيمان الديني ( لمهدي الشيعه المنتظر) مرتبط بعقيدة ، أما انتظار القمة العربية فهو رهان على سراب سياسي لا وجود له في الواقع المُعاش.

يا أهل غزة في ظل غياب الدعم العربي الرسمي وتخلي بعض الدول عن مسؤولياتها تجاه قضيتكم العادله، لا تنتظروا قمة عربية، فالتاريخ أثبت أن الرهان على القمم العربية هو مضيعة للوقت واستنباط للخلافات ودرب مهانه للأمه والأجيال . وغياب القمة العربية وتخاذل بعض الأنظمة لا يقلل من عزيمتكم، بل يزيدكم إصرارا وثباتا في ارضكم . والدعم الحقيقي يأتي من الشعوب العربية المقهورة والمخذوله, المتعطشه لعناق رماحكم وقعقعة سيوفكم ، وليس من أنظمة مقيّدة بحسابات سياسية وتحالفات دولية أفقدتها سيادتها وواجباتها وماء وجههاتجاهكم (وكل يدّعي جَمْعَهُ أنه عنتره). الوحدة الداخلية، وتعزيز القدرات الذاتية، والاستثمار في المقاومةالباسله والإعلامية والعسكرية، هو الطريق الوحيد لمواجهة العدوان. فانتظار القمة العربية، فهو كالمستجير من النار بالرمضاء ..والخشية أنه أُسند (للقمة) مهمة تجريدكم من مقاومتكم التي عَجِزَ العدوا عن فعلهافاحذروها ،نحن على يقين أن صمودكم وتضحياتكم ستثمر عن تحقيق أهدافكم في الحرية والاستقلال.. فابقوا صامدين، فأنتم أمل الأمة العربية في التحرر والكرامة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق