وجهة النجوم والمشاهير.. حكاية "لوسي" أقدم صالون تجميل متخصص في مصر - اخبارك الان

0 تعليق ارسل طباعة

بعض الحكايات تكمن قوتها في السرد والمعنى، والبعض الآخر في شهرة أبطالها، فيما تلفت الأنظار الحكايات الممتدة بمرور السنين، والتي مهما مرّ عليها الزمن وتغيّر المجتمع من حولها تبقى جذابة كما هي، وكأنها قطعة من الماضي استقرت في الحاضر.

من أشهر تلك الحكايات الممتدة والجذابة للجمهور، قصة صالون لوسي للباديكير والمانيكير، أحد أقدم صالونات التجميل المتخصصة في مصر، والذي كان وجهةً للمشاهير منذ افتتاحه في ستينيات القرن الماضي، ولا يزال مفتوحاً حتى الآن، رغم تجاوز عمر صاحبته التسعين عاماً.

البدايات والنشأة

في حديثها لـ "24"، روت مدام لوسي تفاصيل نشأتها في حي شبرا لأب مصري وأم من أصول أرمينية، ودخولها للمدارس الفرنسية منذ الصغر، مؤكدة أنها لم تكن متفوقة دراسياً، لكنها كانت تنجح في الأشغال اليدوية داخل المدرسة، وتتفوق فيها على جميع أقرانها، بينما شقيقتها الموجودة في المدرسة ذاتها كانت متفوقة في المذاكرة والتحصيل.

وبعد عامين من تأخر لوسي في التحصيل الدراسي، وجّهت معلمتها استدعاءً لوالدتها، وأخبرتها أنه من غير العادل إبقاءها في المدرسة بهذا المستوى، ناصحةً إياها بالتركيز على تعليمها الأشغال اليدوية بشكل أعمق، نظراً لموهبتها فيها.

تضيف لوسي أن والدتها اقتنعت بنصيحة المعلمة، وذهبت بها إلى خياطة لتتعلم تطريز فساتين السهرات (السواريه)، وبالفعل أتقنت المهنة خلال عام واحد فقط. وبعد فترة جاء جارهم عبد الحكيم الشهير بـ "جيمي"، ليطلب من والدها أن يجعلها تعمل معه في محل "باتا" الشهير للأحذية.

وكان العمل في المحل ينقسم إلى جزأين؛ الأول خاص بالأحذية، والثاني خاص بأعمال التجميل "مانيكير وباديكير وكوافير" بفرعيه النسائي والرجالي، وعرض عليها العمل معه في قسم المانيكير والباديكير، فوافقت وتعلمت المهنة منه حين كانت في عمر 14 أو 15 عاماً تقريباً.

من العمل للزواج

استمرت لوسي في العمل مع جيمي حتى جمعتهما قصة حب في وقت ولاحق، وقرّرا تكلليها بالزواج، لكن قوانين "باتا" وقفت عقبة أمامهما، فمن غير المسموح به آنذاك أن تكون هناك علاقات زواج بين العاملين.

حينها قررت لوسي أن تترك العمل في المحل، لكي تتمكّن من الزواج بـ"جيمي"، وبالفعل تم ذلك، وخرجت للعمل في نفس المهنة لكن في أماكن أخرى.

وفي عام 1960، تمكّن الزوجان من شراء محل صغير في منطقة وسط البلد، كان في الأصل مطبعة، لكن تم تحويله لـ"مانكير وباديكير جيمي ولوسي"، في افتتاح حضره عدد من نجوم الفن والمجتمع.

علاقة خاصة بالنجوم

منذ افتتاحهما للمحل الخاص بهما، ازداد توافد النجوم والمشاهير وكافة طبقات المجتمع آنذاك، حتى الأجانب كانوا يتوافدون عليه بشكل خاص بمجرد وصولهم إلى مصر، فكان العمل مستمراً منذ الثامنة صباحاً وحتى الثانية عشر منتصف الليل يومياً.

تتذكر لوسي علاقتها بالمشاهير، ونجوم الفن الذين أكدت أنها لا تتذكر من منهم لم يكن زبوناً دائماً في محلها، مكتفية بقولها: "النجوم الجدد لا أعرفهم، لكن القديم كله بتاعي.. من رشدي أباظة لفؤاد المهندس وشويكار لفاتن حمامة وعمر الشريف وتحية كاريوكا وسامية جمال وهند رستم وشادية وصلاح ذو الفقار ومديحة يسري وعمر خورشيد... إلخ".

اللافت أن علاقة لوسي بزبائنها ليست علاقة عمل فقط، بل تعتبرها بمثابة "عائلة كبيرة"، فالجميع يتعامل بعفوية في المكان، وتُروى الحكايات أمامها، و"يفضفض" بعضهم بما يؤرقه، ويتم كشف كواليس بعض الأحداث أو الأعمال الفنية، أو حتى الشخصية، دون أي خوف بأن ما يُقال في المكان سيتم تداوله بالخارج.

عائلة كبيرة

هذه العلاقة الودودة كانت للجميع، وليست للزبائن المشاهير فقط، فقد أكدت لوسي أن الأسعار واحدة والخدمة واحدة للكل، ولا تمييز لأحد عن أحد، ومن يأتي في موعده يتم تقديم الخدمة له، حتى لو كان من يجلس منتظراً دوره هو أشهر النجوم، مشيرةً إلى أن السيدات المترددات على المحل كنّ يتركن أولادهن يلعبن في المحل حتى ينتهين من عملهن أو أي أمر يستدعي ترك الأطفال.

وتضيف لوسي: "كان المحل مليئاً بدفء العائلة، وكأنه منزل حقيقي.. فهناك أطفال تلعب وترسم على الأرض، وعمّال يقدمون الخدمة على أكمل وجه، وزبائن يتجاذبون أطراف الحديث، وتتعالى الضحكات بينهم أحياناً.. كل ذلك يحدث في نفس المكان.. بنفس الروح والبهجة والصدق المتبادل".

ولا تقتصر العلاقة على التوافد على المكان، بل كانت تزور بعض زبائنها في منازلهم حال غيابهم أو مرورهم بظروف صعبة، مثل الفنانة تحية كاريوكا، التي كانت تحرص على زيارتها في منزلها، وتجمعها بها علاقة مقربة للغاية، مؤكدة أنها "كانت سيدة طيية ومحبة للبهجة والحياة، والوحيدة التي كانت تأتي دون تحديد موعد مسبق".

ورغم تجاوزها التسعين عاماً، تحرص مدام لوسي على فتح المحل منذ السادسة صباحاً بشكل يومي، لاستقبال زبائنها منذ بداية اليوم، وتقدّم الخدمة بنفسها لمرتادي المكان، ويساعدها فيها "رأفت" نجل زوجها، الذي يعتبرها بمثابة والدته، وتعلّم منها هذه المهنة وأحبها، فيما يعمل نجلها الوحيد "كريم" في إحدى شركات السياحة.

في نهاية حديثها لـ "24"، أكدت لوسي أنها لم تغيّر شيئاً في ديكور المحل أو واجهته، بل لا يزال كما هو منذ افتتاحه، ورغم وفاة أغلب زبائنها الأصليين، إلا أن أولادهم وأحفادهم لا يزالون يتوافدون على المكان باستمرار، ولا تزال تقدّم الخدمة لهم حتى وإن أرهقها العمل.


إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق