كتب أحمد الحراسيس - لا بدّ لرئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان من إثبات وجود اختلاف واحد على الأقل بين حكومته وسابقاتها، خاصة وأن حكومته تعدّ الأولى في عهد التحديث السياسي، وهي -بنهجها وسياساتها ومبادئ عملها- تشكّل اختبارا لكلّ مشروع التحديث السياسي.
خلال الأيام القليلة الماضية، لم يشغل الرأي العام الأردني أمر الموازنة العامة للدولة بقدر ما شغلها ما أثارته مداخلات النواب حول ما تشهده شركة مناجم الفوسفات الأردنية من ممارسات، إلى جانب المبالغ الطائلة التي يحصل عليها رئيس مجلس إدارة الشركة الدكتور محمد الذنيبات، والتي قال أحد النواب إنها تجاوزت (1.4) مليون دينار في سنة!
ومما بدا لافتا خلال اليومين الماضيين استبدال ممثلي الحكومة في مجلس إدارة شركة الفوسفات بآخرين، فيما أشارت أنباء من مصادر متعددة إلى أن القادم هو إحداث تعديل على مجلس إدارة الشركة واستبدال الدكتور الذنيبات بمرشحين كلاهما مقربان من الرئيس ، وذلك كإجراء لنزع فتيل الأزمة وتخفيف حدّة الاحتقان في الشارع الذي أظهر استياء وغضبا واسعا عبر منصّات التواصل الاجتماعي.
الجقيقة أن هذا الاجراء -تغيير رئيس مجلس الإدارة- اذا تم ، ليس كافيا ، ولا يعتبر لوحده مؤشر على حالة من التجاوب مع المطالب الشعبية والنيابية ، فالمطلوب يتجاوز ذلك بتشكيل لجنة تحقق حول كلّ دينار وقرش صُرف في عهد مجلس الادارة الحالي، ومحاسبتهم اذا ثبت وجود تجاوزات ، واسترداد ما استبيح من اموال اذا اكدت اللجنة ان هذا قد حدث فعلا ، فالأردنيون سئموا من عمليات الترقيع والتغطية والتعمية والتغييرات التي لا تقدم او تؤخر .
المطلوب من حكومة جعفر حسان اليوم إثبات اختلافها عن سابقاتها من الحكومات، وإيصال رسالة لجميع الأردنيين بأن ثمّة تغييرا في نهج ادارة الدولة ونهج الحكومات في ظلّ التحديث السياسي، وإذا كانت الحكومة تدّعي حرصا على تطوير الادارة العامة الأردنية من خلال سنّ تشريعات تُلاحق صغار الموظفين في القطاع العام، فالأولى أن تحاسب كبار الموظفين في الشركات التي تستثمر فيها مئات ملايين الدنانير.
0 تعليق