والآن، يعلن علماء رسميًا، تمكّنهم من فك شيفرة هذه العملية باستخدام تقنية تعرف  باسم "الطهي الدوري". وتعتمد هذه الطريقة الجديدة على تبديل البيض بين دورات من الماء الساخن والفاتر لطهي البياض والصفار على نحو مثالي في آنٍ واحد من دون فصلهما، وفق دراسة جديدة نُشرت في دورية "Communications Engineering".

ولا تقتصر فائدة الطهي الدوري على تحقيق القوام والنكهة المثاليين لكل من البياض والصفار، بل تساعد أيضًا البيضة على الاحتفاظ بأكبر قدر من العناصر الغذائية التي توفر فوائد صحية مثبتة مقارنة بالطرق الشائعة الأخرى، مثل السلق العادي أو الطهي بطريقة "Sous vide" (تحت التفريغ)، بحسب ما كتبه مؤلفو الدراسة.

وأوضحت ميكا سيفا، اختصاصية التغذية المسجلة، وكاتبة الوصفات بسان فرانسيسكو، غير المشارك في الدراسة، لـCNN: "بصفتي طاهية، فإن هذه الطريقة تعد منطقية تمامًا. غالبًا ما ينسى الناس أن الطهي علم دقيق.. وتعديل درجة حرارة الطهي وفق خصائص وبنية البروتينات داخل البيضة قد يحسّن من جودتها".

ولا تحتاج إلى تخيّل الأمر فقط، إذ يمكنك تجربة الطهي الدوري في المنزل. وأشار الدكتور إرنستو دي مايو، المؤلف الرئيسي للدراسة، إلى أنّ التجربة لم تُجرَ باستخدام معدات مختبرية متطورة، بل في مطبخه الخاص. وكل ما تحتاجه هو 32 دقيقة وقليل من الصبر.

قام المؤلف الرئيسي للدراسة الدكتور إرنست دي مايو وزملاؤه بطهي 160 بيضة، واختبار تقنيات سلق البيض المختلفة ومراقبة التغيرات في الحرارة في كل بيضة.
من أجل تحضير البيضة المسلوقة المثالية، كان بإمكان الباحثين الاعتماد على التجربة والخطأ، واختبار مئات البيضات، بحسب ما ذكره دي مايو، مدير برنامج البكالوريوس والماجستير في هندسة المواد في جامعة نابولي فيدريكو الثاني بإيطاليا.

عوض ذلك، طوّر الفريق نماذج رياضية ومحاكاة للتنبؤ بكيفية انتقال الحرارة عبر البيضة، ما ساعدهم على تحديد ظروف الطهي المثالية لكل من بياض البيض وصفاره. وباستخدام هذه الأدوات، أدخل دي مايو وزملاؤه عوامل مثل درجة حرارة الماء وكثافتها لمساعدتهم على تحديد الفواصل الزمنية المناسبة لنقل البيض بين الماء الساخن والفاتر، بحسب ما أوضح.

ومن أجل اختبار الطهي الدوري، ملأ الفريق قدر طهي بمياه الصنبور وقاموا بتسخينها إلى درجة الحرارة المطلوبة على الموقد. ووضع الباحثون مقياس حرارة الطعام في كل من الماء الساخن والفاتر لضمان ثبات درجات الحرارة طوال عملية الطهي.

بعد ذلك، قام الفريق بطهي بيض الدجاج الطازج بقشرتها باستخدام أربع طرق: السلق الصلب، نصف السلق، الطهي بطريقة "Sous vide" والتقنية الجديدة للطهي الدوري. وفي المجمل، قام دي مايو وزملاؤه بتحضير 160 بيضة، باستخدام 40 بيضة لكل طريقة طهي.

وعملت الطرق التقليدية كعينات تحكم للمقارنة بين عوامل درجات الحرارة، والملمس، واحتفاظ البيض بالعناصر الغذائية.

تم طهي البيض المسلوق الصلب لمدة 12 دقيقة، بينما طُهي البيض نصف المسلوق لمدة 6 دقائق، أما البيض بطريقة تخت التفريغ، فقد تم تحضيره على65 درجة مئوية لمدة ساعة.

أما بالنسبة لطريقة الطهي الدوري، قام العلماء بالتناوب على غمر البيض لمدة دقيقتين في ماء مغلي عند 100 درجة مئوية ثم في ماء فاتر عند 30 درجة مئوية. تم تكرار هذه الدورة ثماني مرات لمدة 32 دقيقة.

وفي حين أن الطرق التقليدية أدت إلى زيادة تدريجية في درجات الحرارة الداخلية للبيضة، فإن الطهي الدوري حافظ على درجة حرارة ثابتة للصفار عند 67 درجة مئوية، فيما وصلت درجة حرارة الزلال إلى نطاق يتراوح بين 87 و100 درجة مئوية  في الماء الساخن، ومن 30 درجة مئوية إلى 55 درجة مئوية في الماء الفاتر.

ويسمح هذا التوزيع الديناميكي للحرارة لكل من الزلال والصفار بالوصول إلى القوام والملمس المثاليين، وفق ما ذكره دي مايو.

وفي حين أشارت سيفا إلى أن الطهي الدوري يعد مفهوما مثيرًا للاهتمام، إلا أنها قالت إنها لن تستغرق 32 دقيقة لطهي بيضة.

وأضافت: "معظم الناس يجدون صعوبة في إعداد وجبة على المائدة ويبحثون عن طرق مختصرة.. وليس عن طريقة معقّدة لتحضير شيء بسيط مثل سلق البيض".

وقد وصف دي مايو صفار البيض المطهو دوريًا بأنه بمثابة توازن ممتاز بين الحالة الصلبة والسائلة، مع قوام يشبه الهلام، بينما كان الزلال متماسكًا بشكل جيد من دون أن يكون شديد الصلابة أو شفافًا.

ولفت إلى أنه شارك بعضًا من البيض المطهو دوريًا مع الأصدقاء والعائلة، وقال إنهم أُعجبوا بتباين قوام الزلال والصفار، وهو شيء يصعب تحقيقه بالطرق التقليدية.

وإذا قررت تجربة الطهي الدوري في المنزل، فكن على علم بأن استهلاك البيض النيء أو غير المطهي جيدًا قد يزيد من خطر الإصابة بالأمراض المنقولة عبر الغذاء، خصوصًا إذا كان لديك ضعف في جهاز المناعة أو تعاني من بعض الحالات الصحية.

ومن المثير للاهتمام أنه مقارنةً بالطرق الأخرى، حافظ الطهي الدوري على أعلى مستويات من البوليفينولات، وهي مركبات كيميائية تساعد على منع تلف الخلايا.

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل